الأصل والتبادر والاطراد، وحملها على التعليل لا يخلو عن تعسف، فإن قوله تعالى: * (لعله يتذكر أو يخشى) * (1) لو كان تعليلا لكان إخبارا، وكان لازمه تذكره بعد قولهما، مع أن الأمر لم يكن كذلك، فهو إنشاء لا إخبار بالضرورة، وإنما وجه تخلفهم عن اللغة إلى هذه المعاني الباردة تخيلهم الإشكال العقلي في المسألة، ضرورة أن الترجي والتوقع يستحسن من الجاهل، وأما العالم بالواقعيات فلا يترشح منه إرادة الترجي والتوقع.
ولأجل هذه الشبهة المذكورة في الكتب الأصولية ابتلي فيها أهلها بأن المشكلة لا تنحل إلا بذهابنا إلى المجازية (2)، وهو أيضا غير صحيح.
أو إلى أنه مجرد إنشاء لا جد وراءه، فإن ما هو الممتنع عليه تعالى هو الترجي جدا، والتوقع واقعا، لا إنشاء، فبحسب الإرادة الاستعمالية لا مجازية، وإنما المجازية بحسب الإرادة الجدية، وهي ليست بمجازية في اللغة حتى يكون من استعمال اللفظ في غير ما وضع له، ضرورة أنها موضوعة لإبراز التوقع والترجي الأعم من كونه إبرازا مطابقا للواقع والجد أو مخالفا.
وفيه: أنه يستلزم الكذب، فإن إظهار الرجاء إذا لم يكن في القلب رجاء كذب، كما لا يخفى.
ولنا أن نقول: إن الترجي والتمني والتوقع بالقياس إلى الممتنعات بالغير جائزة، لأن النظر في حين الترجي إلى طبع الأمر وإلى مقتضى طبع