مع إمكان أن يقال: ترك ما احتمل وجوبه مما لم يعرف حرمته، فهو حلال، تأمل.
ومنها: قوله (عليه السلام) (1) (الناس في سعة ما لا يعلمون) فهم في سعة ما لم يعلم، أو ما دام لم يعلم وجوبه أو حرمته، ومن الواضح أنه لو كان الاحتياط واجبا لما كانوا في سعة أصلا، فيعارض به ما دل على وجوبه، كما لا يخفى.
لا يقال: قد علم به وجوب الاحتياط.
فإنه يقال: لم يعلم الوجوب أو الحرمة بعد، فكيف يقع في ضيق الاحتياط من أجله؟ نعم لو كان الاحتياط واجب نفسيا كان وقوعهم في ضيقه بعد العلم بوجوبه، لكنه عرفت أن وجوبه كان طريقيا، لاجل أن لا يقعوا في مخالفة الواجب أو الحرام أحيانا، فافهم.
ومنها: قوله (عليه السلام) (2) (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي) ودلالته يتوقف على عدم صدق الورود إلا بعد العلم أو ما بحكمه، بالنهي عنه وإن صدر عن الشارع ووصل إلى غير واحد، مع أنه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سيما بعد بلوغه إلى غير واحد، وقد خفي على من لم يعلم بصدوره.
لا يقال: نعم، ولكن بضميمة أصالة العدم صح الاستدلال به وتم.
فإنه يقال: وإن تم الاستدلال به بضميمتها، ويحكم بإباحة مجهول الحرمة وإطلاقه، إلا أنه لا بعنوان أنه مجهول الحرمة شرعا، بل بعنوان أنه مما لم يرد عنه النهي واقعا.
لا يقال: نعم، ولكنه لا يتفاوت فيما هو المهم من الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة، كان بهذا العنوان أو بذاك العنوان.