الحركة في أمر حياتهم والتوثب في معيشتهم، وكأنهم واقفون وينظرون إلى ما يحدث لهم من الحوادث الأرضية والسماوية، وإلى بختهم ونصيبهم وحظهم، ويرون ما يحصل لهم من اقتران الكواكب ومقارنات السيارات وآثارها الحاصلة منها.
ومن العجيب أنهم لشدة تحيرهم وانغمارهم في الضلالة، يأملون الحياة والمعيشة مع ما يخافون منه ويحذرون، وكأنهم على الدوام يتدبرون في هذه الأمور، وأبصارهم متوجهة ومحدقة إلى الأطراف مع غفلتهم عما فيهم من الذخائر المودوعة والقوى المعنوية، فإذا * (أضاء لهم مشوا فيه) * شيئا على خلاف طبعهم، * (وإذا أظلم عليهم) * يتوقفون حسب طينتهم وسجيتهم.
* (ولو شاء الله) * فلا يكتفي بفناء نور قلوبهم، وبإهلاك مقتضيات فطرتهم، وإعدام أملهم فقط، بل الله يقدر على أن يذهب بنور أبصارهم وأسماعهم، حتى لا يتمكنوا من أن ينتفعوا منها في الظاهر من الحركات والسكنات، وكأنهم صاروا حيوانات من قبل سوء سريرتهم وخبث فعالهم، لما لا يدركون بالبصر ما يدركه الإنسان، ولا يستخبرون بالسمع ما يسمع به البشر، فهم قد أخمدوا في وجودهم نار المخابرات ونور الاستعلامات، ولو شاء الله تعالى لصنع بهم ما ينبغي لهم بعد ذلك بما قد ظلموا أنفسهم، والله لا يظلم أحدا، فهم قد تجاوزوا عن حد الاعتدال بسوء الاختيار، فصح لهم وحقيق بهم أن يصيروا بعد ذلك صما وعميانا، بل ويخرجوا عن حد الحيوانية إلى حد الجماد والنبات، فإن خمود نيران البصر والسمع يستتبع خمود سائر القوى الإنسانية والحيوانية، والله تعالى * (على كل شئ قدير) *، إلا أنه