فعند ذلك يصح استعمال " السماء " في ما اعتقدوه من السماوات السبع السيارة، حتى قال الله تعالى: * (الذي خلق سبع سماوات طباقا) * (1)، فإنه يقرب من مقالتهم الفاسدة في طبقات السماء وأنها مطبقة بعضها على بعض إلى السماء التاسع والجسم الكلي والفلك الأعلى، وقال: * (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) * (2)، فإنه كان مما يرون بعقولهم، ويعتقدون بذلك حسب ما وصل إليهم من أسلافهم.
أقول: هذا أمر لا يجوز في حقه تعالى، وقد ادعى بعض القاصرين: أن جميع القصص القرآنية قصص أخلاقية وتعليمية، من غير نظر إلى صدقها وكذبها، وهذا مما لا يمكن تجويزه في حقه تعالى، مع أنه خلاف الظواهر والتواريخ، وتفصيله في محل آخر.
وأما فيما نحن فيه، فما يظهر لي ونشير إليه بإجماله - وتفصيله يطلب من مقام آخر - هو: أن السماء بناء مركب بغير عمد ترونها - وهي الجاذبة العمومية التي لا ترى، كما نص عليها القرآن - وهذا البناء مركب من الكرات المختلفة المتطابقة بحسب السير والمسير ومحال الحركة الدورية، ف * (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) *، فهو تعالى جعل سبع سماوات طباقا، أي بعضها فوق بعض بالقياس إلى المركز الأصلي، وهو الشمس، أو بالنسبة إلى المركز الاعتباري، وهو الأرض.
وبالجملة: إطلاق السماء وإرادة جهة العلو جائز، وأما في هذه الآيات