اللفظ فيما هو الموضوع له، كما في أبواب الحقيقة بلا زيادة ونقصان.
نعم إنما الفرق بينهما في محيط خارج عن أفق الاستعمال والوضع، وهو أفق المعنى، وأن المتكلم الفصيح البليغ لمقاصد خاصة، ولأغراض سياسية أو شعرية ذوقية، يشرع في التلاعب في عالم المعنى والموضوع له، بتوسعة المعنى وادعاء أن للمعنى عرضا عريضا، وإن في قوله تعالى:
* (ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم) * (1) يريد درجة في سلسلة الملائكة بحسب الحقيقة والطبيعة، وإذا كان يرى ذلك في هذه النظرة وبهذه النظرة، فعليه أن يسلب عنه البشرية.
وفيما نحن فيه أيضا كذلك، فإنهم بعدما كانوا على تلك الحالة الدنيئة الفاسدة الحيوانية، أو الأسوأ منها، فلا يمكن أن يحكم عليهم بأنهم يسمعون ويبصرون وينطقون ويدركون ويعقلون، فإن من لا نفع له في سماعه، ولا في بصره ونطقه، ولا في إدراكه، فليس إلا الصم البكم العمي واقعا ادعائيا، فلا مجاز بمعناه المعروف، ولا تشبيه ولا استعارة، بل هي حقيقة، ولكن لا بإرادة المعنى الموضوع له إرادة أصلية جدية، بل بإرادة التجاوز من المعنى الموضوع له إلى المعنى المنسلك فيه في عالم الادعاء والتلاعب، ولأجل هذا التجاوز عد مجازا وقنطرة. ومن هنا يظهر سقوط البحوث المشار إليها، والبحوث المماثلة لها في كتبهم الأدبية والتفسيرية وغيرها.