وكانت العادة انهم يخرجون بأهليهم في وقت الثمار إلى البساتين فيكره صاحب النخل الكثير دخول الآخر عليه فيقول له أنا أعطيك بخرص نخلتك تمرا فرخص له في ذلك ومن شرط العرية عند مالك أنها لا تكون بهذه المعاملة الا مع المعرى خاصة لما يدخل على المالك من الضرر بدخول حائطه أو ليدفع الضرر عن الآخر بقيام صاحب النخل بالسقي والكلف ومن شرطها أن يكون البيع بعد بدو الصلاح وأن يكون بثمر مؤجل وخالفه الشافعي في الشرط الأخير فقال يشترط التقابض (قوله وقال ابن إدريس العرية لا تكون الا بالكيل من التمر يدا بيد ولا تكون بالجراف) ابن إدريس هذا رجح ابن التين انه عبد الله الأودي الكوفي وتردد ابن بطال ثم السبكي في شرح المهذب وجزم المزي في التهذيب بأنه الشافعي والذي في الام للشافعي وذكره عنه البيهقي في المعرفة من طريق الربيع عنه قال العرايا ان يشترى الرجل ثمر النخلة فأكثر بخرصه من التمر بأن يخرص الرطب ثم يقدر كم ينقص إذا يبس ثم يشترى بخرصة تمرا فان تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع انتهى وهذا وان غاير ما علقه البخاري لفظا فهو يوافقه في المعنى لان محصلهما أن لا يكون جزافا ولا نسيئة وقد جاء عن الشافعي بلفظ آخر قرأته بخط أبى على الصدفي بهامش نسخته قال لفظ الشافعي ولا تبتاع العرية بالتمر الا ان تخرص العرية كما يخرص المعشر فيقال فيها الآن كذا وكذا من الرطب فإذا يبس كان كذا وكذا فيدفع من التمر بكيله خرصا ويقبض النخلة بثمرها قبل أن يتفرقا فان تفرقا قبل قبضها فسد (قوله ومما يقويه) أي قول الشافعي بأن لا يكون جزافا (قول سهل بن أبي حثمة بالأوسق الموسقة) وقول سهل هذا أخرجه الطبري من طريق الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن سهل موقوفا ولفظه لا يباع الثمر في رؤس النخل بالأوساق الموسقة الا أوسقا ثلاثة أو أربعة أو خمسة يأكلها الناس وما ذكره المصنف عن الشافعي هو شرط العرية عند أصحابه وضابط العرية عندهم أنها بيع رطب في نخل يكون خرصه إذا صار تمرا أقل من خمسة أوسق بنظيره في الكيل من التمر مع التقابض في المجلس وقال ابن التين احتجاج البخاري لابن إدريس بقول سهل بالأوسق الموسقة لا دليل فيه لأنها لا تكون مؤجلة وانما يشهد له قول سفيان بن حسين يعنى الآتي (قلت) لعله أراد أن مجموع ما اورده بعد قول ابن إدريس يقوى قول ابن إدريس ثم إن صور العرية كثيرة منها أن يقول الرجل لصاحب حائط بعني ثمر نخلات بأعيانها بخرصها من التمر فيخرصها ويبيعه ويقبض منه التمر ويسلم إليه النخلات بالتخلية فينتفع برطبها ومنها أن يهب صاحب الحائط لرجل نخلات أو ثمر نخلات معلومة من حائطه ثم يتضرر بدخوله عليه فيخرصها ويشترى منه رطبها بقدر خرصه بتمر يعجله له ومنها أن يهبه إياها فيتضرر الموهوب له بانتظار صيرورة الرطب تمرا ولا يحب أكلها رطبا لاحتياجه إلى التمر فيبيع ذلك الرطب بخرصه من الواهب أو من غيره بتمر يأخذه معجلا ومنها أن يبيع الرجل ثمر حائطه بعد بدو صلاحه ويستثنى منه نخلات معلومة يبقيها لنفسه أو لعياله وهى التي عفى له عن خرصها في الصدقة وسميت عرايا لأنها أعريت من أن تخرص في الصدقة فرخص لأهل الحاجة الذين لا نقد لهم وعندهم فضول من تمر قوتهم أن يبتاعوا بذلك التمر من رطب تلك النخلات بخرصها ومما يطلق عليه اسم عرية ان يعرى رجلا تمر نخلات يبيح له أكلها والتصرف فيها وهذه هبة مخصوصة ومنها أن
(٣٢٦)