ذلك فذكره ولمسلم من طريق قتادة سمعت أبا حسان الأعرج قال قال رجل لابن عباس ما هذه الفتيا أن من طاف بالبيت فقد حل فقال سنة نبيكم وإن رغمتم وله من طريق وبرة بن عبد الرحمن قال كنت جالسا عند ابن عمر فجاءه رجل فقال أيصلح لي أن أطوف بالبيت قبل أن آتي الموقف فقال نعم فقال فإن ابن عباس يقول لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف فقال ابن عمر قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف فبقول رسول الله أحق أن فأخذ أو بقول ابن عباس إن كنت صادقا وإذا تقرر ذلك فمعنى قوله في حديث أبي الأسود قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أي أمر به وعرف أن هذا مذهب لابن عباس خالفه فيه الجمهور ووافقه فيه ناس قليل منهم إسحق بن راهويه وعرف أن مأخذه فيه ما ذكر وجواب الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يفسخوا حجهم فيجعلوه عمرة ثم اختلفوا فذهب الأكثر إلى أن ذلك كان خاصا بهم وذهب طائفة إلى أن ذلك جائز لمن بعدهم واتفقوا كلهم أن من أهل بالحج مفردا لا يضره الطواف بالبيت وبذلك احتج عروة في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالطواف ولم يحل من حجه ولا صار عمرة وكذا أبو بكر وعمر فمعنى قوله ثم لم تكن عمرة أي لم تكن الفعلة عمرة هذا إن كان بالنصب على أنه خبر كان ويحتمل أن تكون كان تامة والمعنى ثم لم تحصل عمرة وهي على هذا بالرفع وقد وقع في رواية مسلم بدل عمرة غيره بغين معجمة وياء ساكنة وآخره هاء قال عياض وهو تصحيف وقال النووي لها وجه أي لم يكن غير الحج وكذا وجهه القرطبي (قوله ثم حججت مع أبي الزبير) كذا للأكثر والزبير بالكسر بدل من أبي ووقع في رواية الكشميهني مع ابن الزبير يعني أخاه عبد الله قال عياض وهو تصحيف وسيأتي في الطريق الآتية بعد أربعة عشر بابا مع أبي الزبير بن العوام وكأن سبب هذا التصحيف أنه وقع في تلك الطريق من الزيادة بعد ذكر أبي بكر وعمر ذكر عثمان ثم معاوية وعبد الله بن عمر قال ثم حججت مع أبي الزبير فذكره وقد عرف أن قتل الزبير كان قبل معاوية وابن عمر لكن لا مانع أن يحجا قبل قتل الزبير فرأهما عروة أو لم يقصد بقوله ثم الترتيب فإن فيها أيضا ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر فأعاد ذكره مرة أخرى وأغرب بعض الشارحين فرجح رواية الكشميهني موجها لها بما ذكرته وقد أوضحت جوابه بحمد الله (قوله وقد أخبرتني أمي) هي أسماء بنت أبي بكر وأختها هي عائشة واستشكل من حيث أن عائشة في تلك الحجة لم تطف لأجل حيضها وأجيب بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع فقد كانت عائشة بعد النبي صلى الله عليه وسلم تحج كثيرا وسيأتي الإلمام بشئ من هذا في أبواب العمرة إن شاء الله تعالى (قوله فلما مسحوا الركن حلوا) أي صاروا حلالا وقد تقدم في أول الباب ما فيه من الإشكال وجوابه وفي هذا الحديث استحباب الابتداء بالطواف للقادم لأنه تحية المسجد الحرام واستثنى بعض الشافعية ومن وافقه المرأة الجميلة أو الشريفة التي لا تبرز فيستحب لها تأخير الطواف إلى الليل إن دخلت نهارا وكذا من خاف فوت مكتوبة أو جماعة مكتوبة أو مؤكدة أو فائتة فإن ذلك كله يقدم على الطواف وذهب الجمهور إلى أن من ترك طواف القدوم لا شئ عليه وعن مالك وأبي ثور من الشافعية عليه دم وهل يتداركه من تعمد تأخيره لغير عذر وجهان كتحية المسجد وفيه الوضوء للطواف وسيأتي حيث ترجم له المصنف بعد أربعة عشر بابا * الحديث الثاني حديث ابن عمر
(٣٨٣)