صلى الله عليه وسلم من بها على أهلها فخالفت حكم غيرها من البلاد في ذلك ذكره السهيلي وغيره وليس الاختلاف في ذلك ناشئا عن هذه المسئلة فقد اختلف أهل التأويل في المراد بقوله هنا المسجد الحرام هل هو الحرم كله أو مكان الصلاة فقط واختلفوا أيضا هل المراد بقوله سواء في الأمن والاحترام أو فيما هو أعم من ذلك وبواسطة ذلك نشأ الاختلاف المذكور أيضا قال ابن خزيمة لو كان المراد بقوله تعالى سواء العاكف فيه والباد جميع الحرم وأن اسم المسجد الحرام واقع على جميع الحرم لما جاز حفر بئر ولا قبر ولا التغوط ولا البول ولا إلقاء الجيف والنتن قال ولا نعلم عالما منع من ذلك ولا كره لحائض ولا لجنب دخول الحرم ولا الجماع فيه ولو كان كذلك لجاز الاعتكاف في دور مكة وحوانيتها ولا يقول بذلك أحد والله أعلم (قلت) والقول بأن المراد بالمسجد الحرام الحرم كله ورد عن ابن عباس وعطاء ومجاهد أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عنهم والأسانيد بذلك كلها إليهم ضعيفة وسنذكر في باب فتح مكة من المغازي الراجح من الخلاف في فتحها صلحا أو عنوة إن شاء الله تعالى (قوله البادي الطاري) هو تفسير منه بالمعنى وهو مقتضى ما جاء عن ابن عباس وغيره كما رواه عبد بن حميد وغيره وقال الإسماعيلي البادي الذي يكون في البدو وكذا من كان ظاهر البلد فهو باد ومعنى الآية أن المقيم والطارئ سيان وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة سواء العاكف فيه والباد قال سواء فيه أهل مكة وغيرهم (قوله معكوفا محبوسا) كذا وقع هنا وليست هذه الكلمة في الآية المذكورة وإنما هي في آية الفتح ولكن مناسبة ذكرها هنا قوله في هذه الآية العاكف والتفسير المذكور قاله أبو عبيدة في المجاز والمراد بالعاكف المقيم وروى الطحاوي من طريق سفيان عن أبي حصين قال أردت أن أعتكف وأنا بمكة فسألت سعيد بن جبير فقال أنت عاكف ثم قرأ هذه الآية (قوله عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان) في رواية مسلم عن حرملة وغيره عن ابن وهب أن علي بن الحسين أخبره أن عمرو ابن عثمان أخبره (قوله أين تنزل في دارك) حذف أداة الاستفهام من قوله في دارك بدليل رواية ابن خزيمة والطحاوي عن يونس عن عبد الأعلى عن ابن وهب بلفظ أتنزل في دارك وكذا أخرجه الجوزقي من وجه آخر عن أصبغ شيخ البخاري فيه وللمصنف في المغازي من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري أين تنزل غدا فكأنه استفهمه أولا عن مكان نزوله ثم ظن أنه ينزل في داره فاستفهمه عن ذلك وظاهر هذه القصة أن ذلك كان حين أراد دخول مكة ويزيده وضوحا رواية زمعة بن صالح عن الزهري بلفظ لما كان يوم الفتح قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة قيل أين تنزل أفي بيوتكم الحديث وروى علي بن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن حسين قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة أين تنزل قال وهل ترك لنا عقيل من طل قال علي بن المديني ما أشك أن محمد بن علي بن الحسين أخذ هذا الحديث عن أبيه لكن في حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك حين أراد أن ينفر من منى فيحمل على تعدد القصة (قوله وهل ترك عقيل) في رواية مسلم وغيره وهل ترك لنا (قوله من رباع أو دور) الرباع جمع ربع بفتح الراء وسكون الموحدة وهو المنزل المشتمل على أبيات وقيل هو الدار فعلى هذا فقوله أو دور إما للتأكيد أو من شك الرواي وفي رواية محمد بن أبي حفصة من منزل وأخرج هذا الحديث الفاكهي من طريق محمد بن أبي حفصة وقال في آخره ويقال أن الدار التي أشار إليها كانت
(٣٦٠)