الآخرة سنة أربع وستين (قلت) ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ابتداء البناء في ذلك الوقت وامتد أمده إلى الموسم ليراه أهل الآفاق ليشنع بذلك على بني أمية ويؤيده أن في تاريخ المسيحي أن الفراغ من بناء الكعبة كان في سنة خمس وستين وزاد المحب الطبري أنه كان في شهر رجب والله أعلم وأن لم يكن هذا الجمع مقبولا فالذي في الصحيح مقدم على غيره وذكر مسلم في رواية عطاء إشارة ابن عباس عليه بأن لا يفعل وقول ابن الزبير لو أن أحدكم احترق بيته بناه حتى يجدده وأنه استخار الله ثلاثا ثم عزم على أن ينقضها قال فتحاماه الناس حتى صعد رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه شئ تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض وجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه وقال ابن عيينة في جامعه عن داود بن سابور عن مجاهد قال خرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثا ننتظر العذاب وارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم وفي رواية أبي أويس المذكورة ثم عزل ما كان يصلح أن يعاد في البيت فبنوا به فنظروا إلى ما كان لا يصلح منها أن يبني به فأمر به أن يحفر له في جوف الكعبة فيدفن واتبعوا قواعد إبراهيم من نحو الحجر فلم يصيبوا شيئا حتى شق علي ابن الزبير ثم أدركوها بعد ما أمعنوا فنزل عبد الله بن الزبير فكشفوا له عن قواعد إبراهيم وهي صخر أمثال الخلف من الإبل فانفضوا له أي حركوا تلك القواعد بالعتل فنفضت قواعد البيت ورأوه بنيانا مربوطا بعضه ببعض فحمد الله وكبره ثم أحضر الناس فأمر بوجوههم وأشرافهم فنزلوا حتى شاهدوا ما شاهدوه ورأوا بنيانا متصلا فأشهدهم على ذلك وفي رواية عطاء وكان طول الكعبة ثمان عشرة ذراعا فزاد ابن الزبير في طولها عشرة أذرع وقد تقدم من وجه آخر أنه كان طولها عشرين ذراعا فلعل رواية جبر الكسر وجزم الأزرقي بأن الزيادة تسعة أذرع فلعل عطاء جبر الكسر أيضا وروى عبد الرزاق من طريق ابن سابط عن زيد أنهم كشفوا عن القواعد فإذا الحجر مثل الخلفة والحجارة مشبكة بعضها ببعض وللفاكهي من وجه آخر عن عطاء قال كنت في الأمناء الذين جمعوا على حفره فحفروا قامة ونصفا فهجموا على حجارة لها عروق تتصل بزرد عرق المروة فضربوه فارتجت قواعد البيت فكبر الناس فبنى عليه وفي رواية مرثد عن عبد الرزاق فكشف عن ربض في الحجر آخذ بعضه ببعض فتركه مكشوفا ثمانية أيام ليشهدوا عليه فرأيت ذلك الربض مثل خلف الإبل وجه حجر ووجه حجران ورأيت الرجل يأخذ العتلة فيضرب بها من ناحية الركن فيهتز الركن الآخر قال مسلم في رواية عطاء وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه وفي رواية الأسود التي في العلم ففعله عبد الله بن الزبير وفي رواية إسماعيل بن جعفر عند الإسماعيلي فنقضه عبد الله بن الزبير فجعل له بابين في الأرض ونحوه للترمذي من طريق شعبة عن أبي إسحق وللفاكهي من طريق أبي أويس عن موسى بن ميسرة أنه دخل الكعبة بعد ما بناها ابن الزبير فكان الناس لا يزدحمون فيها يدخلون من باب ويخرجون من آخر (فصل) لم يذكر المصنف رحمه الله قصة تغيير الحجاج لما صنعه ابن الزبير وقد ذكرها مسلم في رواية عطاء قال فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير قد وضعه على أس نظر العدول من أهل مكة إليه فكتب إليه عبد الملك إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شئ أما ما زاد في طوله فأقره وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد بابه الذي فتحه فنقضه وأعاده إلى بنائه وللفاكهي من طريق
(٣٥٥)