معلقة وفي الباب أربعة أحاديث موصولة فأما المعلقة فأولها قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ أموال الناس وهو طرف من حديث لأبي هريرة موصول عنده في الاستقراض ثانيها قوله كفعل أبي بكر حين تصدق بماله هذا مشهور في السير وورد في حديث مرفوع أخرجه أبو داود وصححه الترمذي والحاكم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه سمعت عمر يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبي بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله الحديث تفرد به هشام بن سعد عن زيد وهشام صدوق فيه مقال من جهة حفظه قال الطبري وغيره قال الجمهور من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه وكان صبورا على الإضاقة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضا فهو جائز فإن فقد شئ من هذه الشروط كره وقال بعضهم هو مردود وروي عن عمر حيث رد على غيلان الثقفي قسمة ماله ويمكن أن يحتج له بقصة المدبر الآتي ذكره فإنه صلى الله عليه وسلم باعه وأرسل ثمنه إلى الذي دبره لكونه كان محتاجا وقال آخرون يجوز من الثلث ويرد عليه الثلثان وهو قول الأوزاعي ومكحول وعن مكحول أيضا يرد ما زاد على النصف قال الطبري والصواب عندنا الأول من حيث الجواز والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث جمعا بين قصة أبي بكر وحديث كعب والله أعلم ثالثها قوله وكذلك آثر الأنصار المهاجرين هو مشهور أيضا في السير وفيه أحاديث مرفوعة منها حديث أنس قدم المهاجرون المدينة وليس بأيديهم شئ فقاسمهم الأنصار وسيأتي موصولا في الهبة وحديث أبي هريرة في قصة الأنصاري الذي آثر ضيفه بعشائه وعشاء أهله وسيأتي موصولا في تفسير سورة الحشر رابعها قوله ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال هو طرف من حديث المغيرة وقد تقدم بتمامه في آخر صفة الصلاة خامسها قوله وقال كعب يعني ابن مالك الخ وهو طرف من حديثه الطويل في قصة توبته وسيأتي بتمامه في تفسير صورة التوبة وأما الموصولة فأولها حديث أبي هريرة خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى فعبد الله المذكور في الإسناد هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته قال الخطابي لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعا للكلام والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية ولذلك قال بعده وابدأ بمن تعول وقال البغوي المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه ونحوه قولهم ركب متن السلامة والتنكير في قوله غنى للتعظيم هذا هو المعتمد في معنى الحديث وقيل المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسئلة وقيل عن للسبيبة والظهر زائد أي خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق وقال النووي مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه وقال القرطبي في المفهم يرد على تأويل الخطابي بالآيات والأحاديث الواردة في فضل المؤثرين على أنفسهم ومنها حديث أبي ذر أفضل الصدقة جهد من مقل والمختار أن معنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد فمعنى الغنى في هذا
(٢٣٤)