الحديث حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه وستر العورة والحاجة إلى ما يدفع به عن نفسه الأذى وما هذا سبيله فلا يجوز الإيثار به بل يحرم وذلك أنه إذا آثر غيره به أدى إلى إهلاك نفسه أو الاضرار بها أو كشف عورته فمراعاة حقه أولى على كل حال فإذا سقطت هذه الواجبات صح الايثار وكانت صدقته هي الأفضل لأجل ما يتحمل من مضض الفقر وشدة مشقته فبهذا يندفع التعارض بين الأدلة أن شاء الله (قوله وابدأ بمن تعول) فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم وسيأتي شرحه في النفقات إن شاء الله تعالى * ثانيها حديث حكيم بن حزام اليد العليا خير من اليد السفلى الحديث وشاهد الترجمة منه قوله فيه وخير الصدقة عن ظهر غنى وهشام المذكور في الإسناد هو ابن عروة ابن الزبير وقوله فيه ومن يستعف يعفه الله يأتي الكلام عليه في حديث أبي سعيد بعد أبواب * ثالثها حديث أبي هريرة قال بهذا أي بحديث حكيم أورده معطوفا على إسناد حديث حكيم بلفظ وعن وهيب والظاهر أنه حمله عن موسى بن إسماعيل عنه بالطريقين معا وكأن هشاما حدث به وهيبا تارة عن أبيه عن حكيم وتارة عن أبيه عن أبي هريرة أو حدثه به عنهما مجموعا ففرقه وهيب أو الراوي عنه وقد وصل حديث أبي هريرة من طريق وهيب الإسماعيلي قال أخبرني ابن ياسين حدثنا محمد بن سفيان حدثنا حبان هو ابن هلال حدثنا وهيب حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال مثل حديث حكيم * رابعها حديث ابن عمر من وجهين في ذكر اليد العليا وإنما أورده ليفسر به ما أجمل في حديث حكيم قال ابن رشيد والذي يظهر أن حديث حكيم بن حزام لما اشتمل على شيئين حديث اليد العليا وحديث لا صدقة الا عن ظهر غنى ذكر معه حديث ابن عمر المشتمل على الشئ الأول تكثيرا لطرقه ويحتمل أن يكون مناسبة حديث اليد العليا للترجمة من جهة أن إطلاق كون اليد العليا هي المنفقة محله ما إذا كان الإنفاق لا يمنع منه بالشرع كالمديان المحجور عليه فعمومه مخصوص بقوله لا صدقة الا عن ظهر غنى والله أعلم * (تنبيه) * لم يسق البخاري متن طريق حماد عن أيوب وعطف عليه طريق مالك فربما أوهم إنهما سواء وليس كذلك لما سنذكره عن أبي داود وقال ابن عبد البر في التمهيد لم تختلف الرواة عن مالك أي في سياقه كذا قال وفيه نظر كما سيأتي وقال القرطبي وقع تفسير اليد العليا والسفلى في حديث ابن عمر هذا وهو نص يرفع الخلاف ويدفع تعسف من تعسف في تأويله ذلك انتهى لكن ادعى أبو العباس الداني في أطراف الموطأ أن التفسير المذكور مدرج في الحديث ولم يذكر مستندا لذلك ثم وجدت في كتاب العسكري في الصحابة بإسناد له فيه انقطاع عن أبن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اليد العليا خير من اليد السفلى ولا أحسب اليد السفلى إلا السائلة ولا العليا إلا المعطية فهذا يشعر بأن التفسير من كلام ابن عمر ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله ابن دينار عن ابن عمر قال كنا نتحدث أن العليا هي المنفقة (قوله وذكر الصدقة والتعفف والمسئلة) كذا للبخاري بالواو قبل المسئلة وفي رواية مسلم عن قتيبة عن مالك والتعفف عن المسئلة ولأبي داود والتعفف منها أي من أخذ الصدقة والمعنى أنه كان يحض الغني على الصدقة والفقير على التعفف عن المسئلة أو يحضه على التعفف ويذم المسئلة (قوله فاليد العليا هي المنفقة) قال أبو داود قال الأكثر عن حماد بن زيد المنفقة وقال واحد عنه
(٢٣٥)