بينهما إذ الإقرار ليس تصرفا جديدا في ماله كي يقال بأنه محجور عليه بالنسبة إلى الأزيد من ثلث ماله، بل هو إخبار عن دينه السابق على هذه الحالة التي حجر عليه الشارع في الأزيد من الثلث.
إذا عرفت ما ذكرنا تعلم أنه لا منافاة بين أن يفتى الفقيه في باب الإقرار بعدم نفوذه في الزائد على الثلث ويفتى في باب التبرعات المنجزة والعقود المحاباتية بالنفوذ من الأصل أو بعكس هذا، إذ لا ربط بين المسألتين.
وثانيا: أن في مسألة الإقرار في مرض الموت ليس من المسلم أنه لا ينفذ في الأزيد من الثلث دائما ومطلقا، ولا أنه ينفذ في مقدار الثلث دائما ومطلقا، بل الأقوال فيها كثيرة، وقيل بأنها عشرة، وذلك لاختلاف الروايات الواردة في هذا الباب، وقد تقدم ذكرها آنفا.
ففي بعضها كرواية العلا بياع السابري قيد النفوذ في جميع المال بكون الامرأة المقرة مأمونة غير متهمة، وعلل ذلك بقوله عليه السلام: " فإنما لها من مالها ثلثه ". والظاهر أن مراده عليه السلام من هذا الكلام أنه إذا لم تكن مأمونة يمكن أن تكون في إقرارها كاذبة، فتكون النتيجة أن إقرارها صار سببا لخروج جميع التركة من يد الورثة، مع أنها لا تملك أزيد من ثلث تلك التركة.
إن قلت: هذا الكلام الأخير منه عليه السلام يدل على أن المنجزات لا تخرج من الأصل، لأنه لا يملك في المرض الذي يموت فيه تمام ماله، بل له الثلث.
قلنا: إن المراد أنها إذا لم تكن مأمونة، واحتملنا أن تكون كاذبة في إقرارها، فيكون إقرارها خبرا كاذبا وليس تبرع ولا عقد محاباتي في البين بحيث أنها تنشأ فعلا تمليك مالها لتلك الفلانة، بل غاية ما يمكن أن يقال في حقها إنها توصى بإعطاء جميع مالها لتلك الفلانة بعد مماتها ولكن بصورة الإقرار، لعلمها بأن الوصية لا تنفذ في الأزيد من الثلث، فلذلك تظهر ما تريد بصورة الإقرار كي يصل إليها تمام المال، وإلا