أبالي أضررت بولدي أو سرقتهم ذلك المال ". (1) ولا شك في أن هذه الرواية تدل على عدم جواز الإضرار بالورثة بتنقيص حصتهم بالأزيد من الثلث، لأن أدلة جواز الوصية بالثلث تخصص هذه الرواية بالنسبة إلى مقدار الثلث، والزائد يبقى تحت المنع، ومعلوم أنه لا فرق بين أن يكون سبب الإضرار هي الوصية أو التبرعات المنجزة، لأنه عليه السلام في مقام مذمة الإضرار بهم وأنه مثل السرقة، فإذا كان موضوع الحكم بالحرمة هو الإضرار فأي فرق بين أسبابه.
وفيه: أن الفرق واضح، لأن الوصية إخراج الموصى به عن التركة بعد الموت بإنشائه قبل الموت، فالوصية في الحقيقة من قبيل إيجاد المانع عن ملكيتهم لمقدار الذي أوصى به بعد وجود المقتضى لملكيتهم لذلك المقدار وهو الموت، بخلاف التبرعات المنجزة فإنها إخراج في حال الحياة، أي في وقت تكون الورثة أجانب عن المال كسائر الأجانب، نعم على تقدير موت المورث يوجد المقتضى لإرثهم لولا المانع، فقياس أحدهما بالآخر - مع بطلان القياس في حد نفسه - قياس مع الفارق الكثير، وأين أحدهما من الآخر.
وأما ادعاء تنقيح المناط القطعي بأن يقال: نقطع بأن المناط في عدم نفوذه في الزائد على الثلث هو حرمان الوارث عن ذلك المقدار بأي سبب كان، فهذا باطل قطعا، لأن لازم ذلك عدم جواز التبرعات وعدم نفوذها حتى في حال الصحة.
وبما ذكرنا يظهر بطلان الاستدلال لعدم نفوذ المنجزات في الأزيد من الثلث برواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام، قال عليه السلام: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل توفى وأوصى بماله كله أو أكثره فقال عليه السلام: الوصية ترد إلى المعروف غير المنكر، فمن ظلم نفسه وأتى في وصيته المنكر والحيف فإنها ترد إلى المعروف، ويترك لأهل الميراث