ووافق البراء وأبا جحيفة جرير، ومن التابعين ابن الحنفية وشريح، وأطلق الجميع على أنه إن كان يسكر حرم. قال أبو عبيدة: بلغني أن النصف يسكر فإن كان كذلك فهو حرام، والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد، فقد قال ابن حزم:
أنه شاهد العصير ما إذا طبخ إلى الثلث ينعقد ولا يصير مسكرا أصلا، ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك، ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك، بل قال: إنه شاهد منه ما لو طبخ لا يبقى غير ربعه لا ينفك عنه السكر، قال: وجب أن يحمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على ما لا يسكر بعد الطبخ وأخرج النسائي من طريق عطاء عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال: إن النار لا تحل شيئا ولا تحرمه. وأخرج النسائي أيضا من طريق أبي ثابت الثعلبي قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل يسأله عن العصير فقال: اشربه ما كان طريا، قال: إني طبخت شرابا وفي نفسي: قال: كنت شاربه قبل أن تطبخه؟ قال: لا. قال: فإن النار لا تحل شيئا قد حرم. قال الحافظ: وهذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو أن الذي يطبخ إنما هو العصير الطري قبل أن يتخمر، أما لو صار خمرا فطبخ فإن الطبخ لا يحله ولا يطهره إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر والجمهور على خلافه. وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي من طريق سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي: اشربوا العصير ما لم يغل وعن الحسن البصري: ما لم يتغير وهذا قول كثير من السلف أنه إذا بدا فيه التغير يمتنع، وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان وبهذا قال أبو يوسف. وقيل: إذا انتهى غليانه وابتدأ في الهدو بعد الغليان. وقل: إذا سكن غليانه. وقال أبو حنيفة: لا يحرم عصير العنب إلى أن يغلي ويقذف بالزبد فإذا غلي وقذف بالزبد حرم. وأما المطبوخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فلا يمتنع مطلقا ولو غلي وقذف بالزبد بعد الطبخ. وقال مالك والشافعي والجمهور: يمتنع إذا صار مسكرا شرب قليله وكثيره، سواء غلي أم لا، لأنه يجوز أن يبلغ حد الاسكار بأن يغلي ثم يسكن غليانه بعد ذلك، وهو مراد من قال: حد منع شربه أن يتغير. وأخرج مالك بإسناد صحيح أن عمر قال: إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء وإني سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلد عمر الحد تاما. وفي السياق حذف والتقدير فسأل عنه فوجده يسكر فجلده. وأخرج سعيد بن منصور عنه نحوه. وفي هذا رد على من احتج بعمر في جواز المطبوخ إذا ذهل منه الثلثان ولو أسكر بأن