من جملة ما تحقق كونه. قوله: وإذا استغسلتم فاغسلوا أي إذا طلبتم للاغتسال فاغسلوا أطرافكم عند طلب المعيون ذلك من العائن، وهذا كان أمرا معلوما عندهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم وأدنى ما في ذلك رفع الوهم وظاهر الامر الوجوب.
وحكى المازري فيه خلافا وصحح الوجوب وقال: متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء فيه فإنه يتعين، وقد تقرر أن يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى، ولم يبين في حديث ابن عباس صفة الاغتسال. قوله: بشعب الخرار بمعجمة ثم مهملتين قال في القاموس: هو موضع قرب الجحفة. قوله: فلبط بضم اللام وكسر الموحدة لبط الرجل فهو ملبوط أي صرع وسقط إلى الأرض.
قوله: وداخلة إزاره يحتمل أن يريد بذلك الفرج، ويحتمل أن يريد طرف الإزار الذي يلي جسده من الجانب الأيمن، وقد اختلف في ذلك على قولين ذكرهما في الهدى وقد بين في هذا الحديث صفة الغسل. قوله: ثم يكفأ القدح وراءه زاد في رواية على الأرض. قال المازري: هذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه من جهة العقل فلا يرد لكونه لا يعقل معناه. وقال ابن العربي: إن توقف فيه متشرع قلنا له الله ورسوله أعلم وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة. قال ابن القيم: هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها أو فعلها مجربا غير معتقد، وإذا كان في الطبيعة خواص لا يعرف الأطباء عللها بل هي عندهم خارجة عن القياس وإنما يفعل بالخاصة، فما الذي ينكر جهلتهم من الخواص الشرعية، هذا مع أن في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة فهذا ترياق، سم الحية يؤخذ من لحمها وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان فيسكن، فكأن أثر تلك العين شعلة نار وقعت على جسد المعيون، ففي الاغتسال إطفاء لتلك العلة، ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لشدة النفوذ فيها ولا شئ أرق من العين فكان في غسلها إبطال لعملها ولا سيما للأرواح الشيطانية في تلك المواضع. وفيه أيضا وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها نفاذا، فتنطفئ تلك النار التي أثارتها العين بهذا الغسل المأمور به ينفع بعد استحكام النظرة، فأما عند الإصابة وقبل الاستحكام فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله في قصة سهل بن حنيف المذكورة: إلا بركت