مسألة 259: إذا عاد إلى قتل الصيد، وجب عليه الجزاء ثانيا. وبه قال عامة أهل العلم.
وروي في كثير من أخبارنا أنه إذا عاد لا يجب عليه الجزاء، وهو ممن ينتقم الله منه، وهو الذي ذكرته في النهاية، وبه قال داود.
دليلنا: على الأول قوله تعالى: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم " ولم يفرق بين الأول والثاني، وقوله بعد ذلك: " ومن عاد فينتقم الله منه " لا يوجب إسقاط الجزاء، لأنه لا يمتنع أن يكون بالمعاودة ينتقم الله منه وإن لزمه الجزاء.
وإذا قلنا بالثاني، فطريقته الأخبار التي ذكرناها في الكتاب، ويمكن أن يستدل بقوله: " ومن عاد فينتقم الله منه " ولم يوجب الجزاء، ويقوي ذلك أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 260: إذا قتل صيدا، فهو مخير بين ثلاثة أشياء، بين أن يخرج مثله من النعم، وبين أن يقوم مثله دراهم ويشتري به طعاما ويتصدق به، وبين أن يصوم عن كل مد يوما.
وإن كان الصيد لا مثل له فهو مخير بين شيئين، بين أن يقوم الصيد ويشتري بثمنه طعاما ويتصدق به، أو يصوم عن كل مد يوما، ولا يجوز إخراج القيمة بحال. وبه قال الشافعي.
ووافق في جميع ذلك مالك إلا في فصل واحد، وهو أن عندنا إذا أراد شراء الطعام قوم المثل وعنده قوم الصيد، ويشتري بثمنه طعاما.
وفي أصحابنا من قال على الترتيب.
وقال أبو حنيفة: الصيد مضمون بقيمته، سواء كان له مثل أو لم يكن له مثل، إلا أنه إذا قومه مخير بين أن يشتري بالقيمة من النعم ويخرجه، ولا يجوز أن يشتري من النعم إلا ما يجوز في الضحايا، وهو الجذع من الضأن، والثني من