مسألة 236: الاستئجار للحج جائز، فإذا صار الرجل معضوبا جاز أن يستأجر من يحج عنه، وتصح الإجارة وتلزم، ويكون للأجير أجرته، فإذا فعل الحج عن المكتري، وقع عن المكتري، وسقط الفرض به عنه.
وكذلك إذا مات من عليه حج، واكترى وليه من يحج عنه، ففعل الأجير الحج. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الإجارة على الحج، فإذا فعل كانت الإجارة باطلة، فإذا فعل الأجير ولبى عن المكتري وقع الحج عن الأجير، ويكون للمكتري ثواب النفقة، فإن بقي مع الأجير شئ كان عليه رده.
فأما إن مات، فإن أوصى أن يحج عنه كانت تطوعا من الثلث، وإن لم توجد كان لوليه وحده أن يحج عنه، فإذا فعل، قال محمد: أجزأه إن شاء الله، وأراد " أجزأه عنه " الإضافة إليه، ليبين أن غير الولي لا يملك هذا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا الأصل جواز الإجارات في كل شئ، فمن منع في شئ دون شئ فعليه الدلالة، ولأنا اتفقنا على وجوب الحج عليه، فمن أسقطه بالموت فعليه الدلالة.
وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله سمع رجلا وهو يقول:
لبيك عن شبرمة فقال له: ويحك من شبرمة؟ فقال له: أخ لي، أو صديق لي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة ".
فوجه الدلالة أنه قال: ثم حج عن شبرمة. وعند أبي حنيفة لا يحج عنه.
وروى ابن عباس أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وآله فقالت:
إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: " نعم " فقالت:
يا رسول الله فهل ينفعه ذلك؟ قال: " نعم كما لو كان عليه دين فقضيته نفعه ".
وهذا يدل على ما قلناه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها سألته عن النيابة عنه؟ فقال: تجوز.