والآخر: ما استعمل في غسل الجنابة والحيض فلا يجوز استعماله في رفع الأحداث وإن كان طاهرا، فإن بلغ ذلك كرا زال حكم المنع من رفع الحدث به لأنه قد بلغ حدا لا يحتمل النجاسة، وإن كان أقل من كر كان طاهرا غير مطهر يجوز شربه وإزالة النجاسة به لأنه ماء مطلق، وإنما منع من رفع الحدث به دليل وباقي الأحكام على ما كانت، هذا إذا كانت أبدانهما خالية من نجاسة، فإن كان عليها شئ من نجاسة فإنه ينجس الماء ولا يجوز استعماله بحال.
وأما مياه الآبار فإنها تنجس بما يقع فيها من النجاسات قليلا كان الماء أو كثيرا، ثم هي على ضربين: إما أن يتغير أحد أوصافها أو لم يتغير، فإن تغير أحد أوصافها فلا يجوز استعمالها إلا بعد نزح جميعها، فإن تعذر استقى منها إلى أن يزول عنها حكم التغير، فإن لم يتغير أحد أوصافها فما وقع فيها على ضربين:
أحدهما يوجب نزح جميعها، والآخر لا يوجب ذلك.
فما يوجب نزح الجميع: الخمر وكل مسكر والفقاع والمني ودم الحيض و النفاس والاستحاضة والبعير إذا مات فيه، فإن كان الماء غزيرا لا يمكن نزح جميعه تراوح على نزحها أربعة رجال من الغدوة إلى العشي وقد طهر.
وما لا يوجب نزح الجميع فعلى ضربين:
أحدهما: يوجب نزح كر وهو موت الحمار والبقرة وما أشبههما في قدر جسمهما.
والآخر ما يوجب نزح دلاء، فأكبرها الإنسان إذا مات فيه نزح منها سبعون دلوا سواء كان صغيرا أو كبيرا سمينا أو مهزولا، وعلى كل حال، وإن مات فيها كلب أو شاة أو ثعلب أو سنور أو غزال أو خنزير وما أشبهها نزح منها أربعون دلوا، وإن وقع فيها كلب وخرج حيا نزح منها سبع دلاء للخبر وإن مات فيها حمامة أو دجاجة وما أشبههما نزح منها سبع دلاء، وإن ماتت فيها فأرة نزح منها ثلاث دلاء إذا لم تتفسخ فإذا تفسخت نزح سبع دلاء، وفي العصفور وما أشبهه دلو