والاستحاضة رجعت إليه، فإن كان لها عادة مثل ذلك ترجع إليها، وإن كانت مبتدئة ميزت بصفة الدم، فإن لم يتميز لها رجعت إلى عادة نسائها، أو قعدت في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا اعتبار بالتمييز بل الاعتبار بالعادة، فإن كانت لها عادة رجعت إليها، وإن لم تكن لها عادة وكانت مبتدئة فإنها تحيض أكثر الحيض عنده وهو عشرة أيام، فإن كان لها عادة نسيتها، فإنها تحيض أقل الحيض وهو ثلاثة أيام.
وقال مالك: الاعتبار بالتمييز فقط فإن كان لها تمييز رجعت إليه، وإن لم يكن لها تمييز فإنها تصلي أبدا، لأنه ليس لأقل الحيض عنده حد، وتعتبر هذا في الشهر الثاني والثالث، وأما في الشهر الأول، ففيه روايتان:
إحديهما: أنها لا تعتبر أيضا فيه، فتصلي في جميعه.
والثانية: أنها تعتبر بعادة أقرانها فتحيض ذلك العدد، فإن انقطع دمها وإلا استظهرت بثلاثة أيام، فإن انقطع الدم اغتسلت وصلت، وإن لم ينقطع دمها في الثالث جعلها في حكم الطاهرات، فاغتسلت وصلت جميع الصلوات.
دليلنا: إجماع الفرقة روى ابن أبي عمير عن حفص بن البختري قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام امرأة سألته عن المرأة يستمر بها الدم، فلا تدري أحيض هو أو غيره، فقال لها: إن دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة، ودم الاستحاضة أصفر بارد، فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة، قال: فخرجت وهي تقول: والله لو كان امرأة ما زاد على هذا، فهذا دليل على أبي حنيفة في منعه من اعتبار التمييز.
وأما دليلنا على مالك في اعتبار العادة فيما رواه إسحاق بن جرير قال:
سألتني امرأة منا أن أدخلها على أبي عبد الله عليه السلام، فاستأذنت لها فأذن لها، فدخلت ومعها مولاة لها، فقالت: يا أبا عبد الله، ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال: إن كانت أيام حيضها دون عشرة أيام، استظهرت بيوم واحد،