نراعي بقاء الضرورة، فإن استمرت على تلك الحال الوضوء وأعاد المسح على الخف، وإن كان قد زالت، استأنف الوضوء والمسح على الرجلين دون الخفين، بدلالة ما قد مضى في المسألة الأولى سواء.
مسألة 183: قال الشافعي: المسنون أن يمسح أعلى الخف وأسفله، وبه قال عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص والزهري ومالك.
وقال قوم: المسح على الظاهر دون الباطن، وروي ذلك عن أنس بن مالك وجابر والشعبي والنخعي والأوزاعي والثوري، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
وهذه أيضا تسقط عنا لما قدمناه، فأما حال الضرورة فينبغي أن نقول: إن ظاهر الخف يمسح عليه دون باطنه، بدلالة أن هذا الموضع مجمع عليه، وما عداه ليس على وجوبه دليل.
وأيضا روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لو كان الدين بالقياس، لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، فدل على أن المسنون مسح الظاهر.
مسألة 184: قال الشافعي: إذا مسح على الخف ما يقع عليه اسم المسح أجزأه، قل ذلك أم كثر، وسواء مسحه بيده أو بأي شئ كان.
وقال أبو حنيفة: يجب أن يمسح قدر ثلاثة أصابع بثلاثة أصابع، فقدر الممسوح والممسوح به، حتى قال: إن مسح قدر ثلاثة أصابع بإصبع واحدة، لم يجزه.
وقال زفر: إذا مسح قدر ثلاثة أصابع بإصبع واحدة أجزأه.
وهذا أيضا يسقط عنا مع الاختيار، فأما حال الضرورة والتقية فإنه يمسح مقدار ما يقع عليه اسم المسح، لأن ذلك يتناوله الاسم، ولأن ذلك مجمع عليه، وما زاد عليه ليس عليه دليل.