البابين قد ورد ما يدل على كفاية اليمين أو شهادة امرأتين عن شهادة الرجل الثاني، وماذا تؤثر تسمية ذلك في الثاني بالتنزيل وعدم تسميته في الأول بذلك؟!
وختاما ينبغي أن نشير إلى أن ما ذكرناه من أن مدعي الدين على الميت لا يمكنه أن يثبت مدعاه إن لم يكن يمتلك عدا شاهدا واحدا إنما كنا نقصد بذلك الإثبات في المرحلة الأولى من القضاء، أعني قبل عرض اليمين على المنكرين وهم الورثة. أما بعد أن عجز عن الإثبات بالبينة، ووصلت النوبة إلى يمين الورثة، ثم لم يحلفوا ولو لجهلهم بواقع الحال، فإما أن يتم النكول، ونقول بأن النكول يثبت أن الحق مع المدعي، أو يتم الرد أو النكول مع القول برد الحاكم اليمين على المدعي لدى نكول المنكر - كما اخترناه فيما سبق - فالمدعي عندئذ يحلف ويأخذ حقه إن لم يكن الميت مستحقا للثلث لعدم الوصية، وإلا فيأخذ حقه بمقدار ما يتعلق بالورثة الناكلين أو الرادين للقسم، أما المقدار الراجع إلى الميت من الثلث فلا سبيل لإثباته، لأن ظاهر الروايتين كون الإثبات متوقفا على البينة واليمين، ولا توجد بالنسبة للميت مرحلة ثانية وهي مرحلة رد اليمين إليه حتى يتم النكول أو الرد، اللهم إلا إذا كان الوصي غير الشاهد، وكان وصيا عن الميت حتى في الدفاع عنه في مثل المقام، فرد اليمين أو نكل.
ومنها - أن الحاجة إلى اليمين مضافا إلى البينة هل تختص بالدعوى على الميت، أو تشمل غيره أيضا ممن لا يمكنه الدفاع عن نفسه كالغائب أو الصبي أو المجنون؟ فقد يفرق في ذلك بين مفاد الروايتين، فلو أخذنا برواية الصفار - فحسب - فالحكم خاص بالدعوى الميت، لأنه حكم على خلاف القاعدة نقتصر فيه على مورد النص، وإن تمسكنا برواية عبد الرحمان فقد يتعدى عن الميت إلى غيره بواسطة التعليل بقوله (عليه السلام): " لأنا لا ندري لعله قد أوفاه ببينة... " فقد يقال: إن هذه العلة ثابتة في الغائب أيضا والصبي والمجنون.