والنتيجة هي أنه في باب الأموال حينما تكون للمتداعين اليد على المال، وتساوت البينتان، لا بد من تحليفهما، فإذا حلفا قسم المال بينهما. وهذا ثابت بمقتضى القواعد، وبمقتضى رواية إسحاق بن عمار، ولكن لو كانت إحدى البينتين أكثر عددا من الأخرى وجه اليمين إلى خصوص من يمتلك البينة الأكثر عددا، وذلك عملا برواية أبي بصير. ومن هنا انتهينا إلى أمر يخالف مقتضى القاعدة، إذ لم يكن مقتضى القاعدة الترجيح بالأكثر العددية.
بقي الكلام في رواية سماعة التي دلت على القرعة في باب الأموال، حيث روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه قال: " إن رجلين اختصما إلى علي (عليه السلام) في دابة، فزعم كل واحد منهما أنها أنتجت على مذوده، وأقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد، فأقرع بينهما سهمين، فعلم السهمين كل واحد منهما بعلامة، ثم قال: اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، ورب العرش العظيم، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها، فأسألك أن يقرع ويخرج سهمه، فخرج سهم أحدهما، وقضى له بها " (1).
وهذه الرواية إذا قسناها إلى رواية إسحاق بن عمار رأينا أن رواية إسحاق دلت على تحليفهما وإعطاء المال للحالف، وتنصيفه بينهما إذا حلفا معا سواء كانت لهما اليد على المال، كما هو محل الكلام فعلا، أو كان المال خارجا عن أيديهما، وعليه فتحمل رواية سماعة على فرض نكولهما عن اليمين تقديما للخاص على العام، ولعل هذا هو السرفي أن القرعة فرضت في هذا الحديث على تعيين الواقع، لا على تعيين من عليه الحلف، وهي الرواية الوحيدة التامة سندا الدالة على الحلف لتعيين الواقع، فالروايات التي دلت على القرعة لتعيين من عليه الحلف - والتي حملناها على غير