أبي بصير الماضية (1).
أقول: إن رواية عبد الرحمان لم تأخذ في موضوع الحكم بالقرعة مرجحية العدد، بحيث يجب علينا مسبقا أن نعرف ما هي موارد الترجيح بالعدد ثم تطبق على تلك الموارد قانون القرعة حينما لا يوجد ترجيح بالعدد، وإنما الرواية دلت بالصراحة على حكم القرعة، وأشارت في عرض هذه الدلالة إلى أنه مع زيادة إحدى البينتين على الأخرى عددا لا تصل النوبة إلى القرعة، وعليه فلا بأس بالأخذ بإطلاق الرواية في المتداعيين اللذين وقع التعارض بين بينتيهما، فلا تختص القرعة بالمورد الخاص من المدعي والمنكر الذي ذكره السيد الخوئي، بل مقتضى إطلاق نقل الإمام الصادق (عليه السلام) الناشئ من ترك التفصيل حينما ذكر قضاء علي (عليه السلام) بداعي تفهيم الحكم الشرعي عن طريق بيان قصة قضاء علي (عليه السلام) هو ثبوت القرعة في غير ذاك المورد أيضا، وكذلك رواية أبي بصير وإن كان صدرها دالا على الترجيح بالأكثرية العددية في مورد خاص من موارد المدعي والمنكر - كما سبق منا شرحه - ولكنه ذكر بعد ذلك: " أن عليا (عليه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذود هم، ولم يبيعوا، ولم يهبوا، وقامت البينة لهؤلاء بمثل ذلك، قضى علي (عليه السلام) بها لأكثرهم بينة، واستحلفهم "، وهذا أيضا يدل بالإطلاق بملاك ترك التفصيل على عدم اختصاص الترجيح بالأكثرية العددية ووقوع اليمين على صاحب البينة الأكثر عددا بما إذا كانت البغلة في يد أحدهما دون الآخر، أو بالمورد الخاص من المدعي والمنكر الذي سبق ذكره في صدر الحديث.
وعلى أي حال فرواية عبد الرحمان كباقي روايات القرعة تحمل على غير باب الأموال تخصيصا لها برواية إسحاق بن عمار.