الارتكازات العقلائية - مطلقا، فالإطلاق لا يتم بعد صرف العقلاء له إلى نفي الكذب، أو إلى نفيه ونفي الغفلة في موارد صدق أصالة عدم الغفلة العقلائية، وهي غير موارد الحدس كما هو الحال في أدلة حجية خبر الواحد.
اللهم إلا أن يكون مقصوده في المقام إبراز عيب في الإطلاق، وهو احتمال أخذ قيد الحضور في معنى الشهادة من دون نظر إلى دعوى تمامية الإطلاق لولا هذا العيب.
وثانيا - أن استبطان كلمة الشهادة لمعنى الحضور وعدمه أجنبي عن المقام إطلاقا، وذلك لأن المأخوذ في لسان عمدة أدلة حجية الشهادة في باب القضاء إنما هو عنوان البينة لا عنوان الشهادة من قبيل قوله (صلى الله عليه وآله): " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان "، وقوله (صلى الله عليه وآله): " البينة على المدعي واليمين على من أنكر "، وما ورد في بعض الموارد من التعبير بالشهادة كما في روايات باب الزنا التي تقول: " حد الرجم يثبت بالشهادة على الزنا، أو على رؤية الزنا " لا شك في أنها مستعملة بمعنى الإخبار لا بمعنى الحضور، فإن الشهادة بمعنى الحضور إنما هي عند التحمل، أما عند الأداء، فإنما هي بمعنى الإخبار كما هو واضح.
الثاني - أن يقال: إن هناك موارد قد أمرت الشريعة فيها بالإشهاد بمعنى تحميل الشهادة كما في باب الطلاق وباب الدين، قال الله - تعالى - بشأن الطلاق:
* (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * (1). وقال - تعالى - بشأن الدين: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) * (2). والإشهاد هنا يمكن أن يكون مستبطنا لمعنى الحضور على ما هو أحد معنيي الشهادة، ونحن نعلم أن هذا الإشهاد مقدمة لأداء الشهادة كما قال الله