- تعالى - في الآية الأولى عقيب ما مضى مباشرة: * (وأقيموا الشهادة لله) * وقال - تعالى - في الآية الثانية عقيب ما مضى مباشرة: * (أن تضل إحداهما، فتذكر إحداهما الأخرى. ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) *.
وعليه فبناء على حمل الشهادة هنا لدى التحمل على الحضور يثبت شرط الحضور في نفوذ الشهادة لدى الأداء في هذين الموردين، ويتم الكلام في باقي الموارد بعدم احتمال الفصل فقهيا. وبالإمكان أن يجعل هذا البيان تعميقا للبيان الأول لأجل دفع الإشكال الثاني عنه.
ويرد عليه: أولا - أن الشهادة لدى التحمل ليست بمعنى الإخبار والإظهار كما هو واضح، فلا يحتمل في معنى الإشهاد الوارد في الآيتين عدا المعنى الآخر المستبطن - في ما هو المفهوم عنه عرفا - للحضور. إذن فلو تم هذا الوجه لم نكن بحاجة إلى الرجوع إلى أصالة عدم النفوذ، لأجل عدم الدليل على نفوذ الشهادة غير الحسية كما يظهر من آخر كلامه، بل يجب أن نفترض هذا بنفسه دليلا على شرط الحس.
وثانيا - أن الأمر بالإشهاد في هذين الموردين - بمعنى الإحضار - لا يدل على أن نفوذ الشهادة لدى الأداء مشروط بحصول الإشهاد والحس مسبقا، صحيح أن الإشهاد كان مقدمة لأداء الشهادة، لكن هذا لا يدل على انحصار المقدمة للشهادة النافذة بذلك، فلعل الأمر بالإشهاد جاء كاحتياط من قبل الشارع لضمان إمكانية أداء الشهادة بعد ذلك، أو كمقدمة لإيجاب الأداء عليه. نعم، في خصوص باب الطلاق ثبت تعبدا دخل الإشهاد في صحة الطلاق، وهذا مطلب آخر، ولعله بحكمة التشديد في ذاك الاحتياط.
إذن فقد اتضح أن كون كلمة الشهادة مستبطنة لمعنى الحضور لا دخل له فيما نحن فيه بأي وجه من الوجوه.