الذكر والأنثى ليس خلافا للعدالة الاجتماعية في نظر الإسلام في المناصب كالقضاء لأمرين:
أحدهما - أن المناصب في نظر الإسلام ليست كراسي للفخر والاعتزاز وجر المنافع، بل هي مسؤوليات بحتة.
وثانيهما - أن المسألة راجعة إلى توزيع المهام وفق القابليات. وقد مضى شرح لهذا الكلام فيما سبق في شرط الذكورة في القضاء، والذي أريد أن أذكره هنا هو أن الأمر في الشهادة أوضح، لأن الشهادة ليست منصبا ومقاما حتى بالمنظار الذي يرى مثل القضاء منصبا ومقاما، فهي أوضح في أنها ليست عدا مسؤولية شرعية واجتماعية.
وعلى أي حال فجو متشرعي مأنوس بالفرق بين الرجل والمرأة في القضاء والشهادة وإمامة الجماعة وغير ذلك لا يتم فيه إطلاق مقامي فضلا عن جو صدر الإسلام قبل ما يعتاد الناس فيه على خلاف الجو الجاهلي الذي لم يكن يعد المرأة مساوية للرجل في الإنسانية والكرامة.
فإذا لم يتم إطلاق من هذا القبيل، كان مقتضى الأصل الأولي عدم نفوذ شهادة المرأة. يبقى أن نرى بعد ذلك هل هناك إطلاق في خصوص باب شهادة النساء يدل على نفوذ شهادتهن على الإطلاق؟ أو على عدم نفوذ شهادتهن على الإطلاق أو لا؟
فإن ثبت الأول، أصبحت القاعدة الأولية نفوذ شهادة النساء إلا ما خرج بالدليل.
وإن ثبت الثاني، تأكد كون القاعدة الأولية عدم النفوذ، وصعدت القاعدة من مستوى الأصل إلى مستوى الأمارة. وإن لم يثبت شئ من الإطلاقين، أو ثبت كلاهما وتعارضا وتساقطا، فمقتضى القاعدة هو الرجوع إلى الأصل الأولي، وهو عدم النفوذ إلا ما خرج بالدليل. فهنا نبحث أولا عن أنه هل يوجد إطلاق يدل على نفوذ شهادة النساء، أولا؟ وثانيا: عن أنه هل يوجد إطلاق يدل على عدم نفوذ