المقصود هو الثاني، والآية قد أمرت من أشهدوا بأداء الشهادة، وهذا يعني أن من وقع الفعل عنده يجب عليه أداء الشهادة وإن لم يطلب منه تحمل الشهادة، وهذا يعارض الروايات الدالة على أن وجوب أداء الشهادة مشروط بالإشهاد بمعنى طلب تحمل الشهادة دون الحضور صدفة أو الاطلاع صدفة. إلا أن هذا الحديث غير تام سندا، لعدم توثيق علي بن أحمد بن أشيم، ولعدم ثبوت تمامية سند الصدوق (رحمه الله) إلى علي بن أحمد بن أشيم.
ولو ثبت في بحث الطلاق أنه يكفي فيه حضور العدلين صدفة، لم يؤد ذلك إلى التعدي إلى سائر موارد القضاء، لأن احتمال الفرق موجود.
هذا، ولا يبعد أن يقال: إن هذه الرواية - وحتى بعد ضمها إلى الآية المباركة - لا تعارض روايات الباب إطلاقا، وذلك لأن المفهوم عرفا من كلمة (الإشهاد) في الروايات وفي الآية المباركة ليس هو خصوص أن يقول لهم: (اشهدوا)، أي أن يطلب منهم تحمل الشهادة، بل يكفي في الإشهاد إيقاع الفعل أمامهم وبنية اطلاعهم عليه في مقابل الحضور الصدفي البحث، والاطلاع صدفة من دون إرادة الطرفين. وعليه فالاشهاد في مورد رواية علي بن أحمد ابن أشيم حاصل. وهناك حديث قد يدل بإطلاقه على وجوب أداء الشهادة حتى مع عدم الإشهاد، وهو ما عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدي الحاكم حتى يتبوء مقعده من النار، وكذلك من كتم الشهادة " (1). إلا أنه - مضافا إلى ضعف سنده - يقيد إطلاقه بما مضى.