ومثل قوله (صلى الله عليه وآله): " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " (1).
وقد يورد على إطلاق الأول بأن الحديث إنما هو بصدد حصر القضاء بالبينات والأيمان، أما أنه متى يكون الرجوع إلى البينات؟ ومتى يكون الرجوع إلى الأيمان؟ فليس الحديث بصدد بيانه، وعلى إطلاق الثاني بأنه ليس بصدد ذكر الشروط، وإنما هو بصدد بيان من عليه البينة ومن عليه اليمين.
والواقع أن هذا وإن كان يضر بالإطلاق الحكمي، ولكن الإطلاق المقامي - بالنسبة لرفض كل قيد يكون مرفوضا وفق المرتكزات العقلائية - ثابت، والأمر في ما نحن فيه من هذا القبيل، فكون طلب الحاكم دخيلا في نفوذ شهادة البينة من دون فرض تحقق التهمة في الشهادة التبرعية خلاف المرتكز العقلائي، وأما كون طلب ذي الحق أو إذنه دخيلا في ذلك، فإن كان بمعنى دخله في تكميل نقص البينة كبينة وإيصالها إلى مستوى الحجية فهذا أيضا - حينما لا يفرض تحقق التهمة في الشهادة التبرعية - مرفوض عقلائيا، وإن كان بمعنى أنه وإن لم يكن هناك عيب في البينة ولكن حكم الحاكم في غير الحقوق الإلهية والحقوق العامة إنما هو من حق من يحكم بصالحه، فإذا هو لم يرد الحكم، فلا مبرر لجواز الحكم ونفوذه، فهذا المعنى ليس على خلاف مرتكز العقلاء.
إلا أن هذا لا يعني صحة ما نقل عن الأصحاب من عدم نفوذ شهادة المتبرع الظاهر في إرادة النقص في جانب الشهادة.
إذن فالصحيح وجود الإطلاق الدال على نفوذ شهادة المتبرع ولا مقيد له، والتهمة ممنوعة كما تقدم. نعم، لا بأس بالقول بعدم جدوى شهادة المتبرع - أي الشهادة من دون طلب المدعي - لا بمعنى النقص في جانب الشهادة، بل بمعنى