كون دعواه للإيجار على الخمسة مثلا خلاف أصالة عدم هذا الإيجار، فلا يجعله بحيث لو ترك مخالفة ما عليه - عملا بمقتضى القواعد الأولية لولا النزاع - لترك (1).
أقول: هذا البيان إنما جاء بعد فرض إرجاع التعريف بمن إذا ترك ترك إلى التعريف بمخالفة الأصل، مع الاحتفاظ بعنصر أن تركه يوجب الترك، أما لو قلنا بمجرد أن المدعي من خالف قوله الأصل فلم يظهر لحد الآن أن المقياس هو مصب الدعوى أو النتيجة.
وذكر أستاذنا الشهيد (رحمه الله) (2) فيما لو اختلفا في نقل أحدهما للكتاب مثلا إلى الآخر، هل كان بالبيع أو بهبة لازمة؟ والذي يترتب على ذلك أنه على الأول له المطالبة بالثمن، ومع عدم تسليمه فله خيار الفسخ، وعلى الثاني ليس له هذا ولا ذاك - أن في بحث القضاء كلاما حول أن تشخيص المدعي والمنكر هل يكون بنفس مصب الدعوى، أو بالإلزامات التي يدعيها أحدهما على الآخر؟ والمختار هو الثاني، ولو فرضنا الأول وهو كون تشخيص المدعي والمنكر بلحاظ مصب الدعوى، فقد يتوهم أن المورد مورد التحالف. ولكن التحقيق أن من يدعي البيع هو المدعي، وأن الحلف يكون لمن يدعي الهبة، لأن تحالفهما فرع أن تكون هناك خصومتان: خصومة حول البيع، وخصومة حول الهبة، وليس الأمر كذلك، فإنه وإن كان هناك تكاذبان ولكن ليس كل تكاذب تطبق عليه قوانين الخصومة، مثلا لو تكاذب شخصان في نزول المطر وعدمه من دون أن يكون ذلك مثمرا لثمر إلزامي