الذي عنده الرهن أنه بكذا وكذا، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين " (1)، إذ لو كان المقياس هو الأصل في مصب الدعوى، لكان المورد موردا للتداعي، لأن كلا من الوديعة والرهن أمر وجودي محكوم بأصالة العدم.
إلا أنه يوجد في مقابل هذا الحديث ما دل على أن البينة على مدعي الوديعة واليمين على مدعي الرهن، فقد يقال: إن هذا يدل على أن المقياس في تشخيص المدعي هو المصب لا النتيجة، فإن الرهن والوديعة مصبان للدعوى، فيفترض أن يده على هذه العين دليل على صدق دعواه للرهن، ولو كان المقياس هو النتيجة لجرت أصالة عدم الدين.
وحتى لو لم يدل على أن المقياس هو المصب، بل دل على أن المقياس هو النتيجة كما هو الحال في الحديث الأول، فبعد تعارض الحديثين في أن المدعي هل هو من يدعي الرهن أو هو من يدعي الوديعة وتساقطهما، لا يبقى لنا دليل روائي على كون المقياس هو النتيجة.
إلا أن الصحيح عدم وجود تعارض بين الحديثين كما يظهر بالتدقيق في متن الحديث الأول، وقد مضى، وفي متن الحديث الثاني وهو ما ورد بسند تام عن عباد ابن صهيب، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن متاع في يد رجلين، أحدهما يقول:
استودعتكه، والآخر يقول: هو رهن. قال: فقال: القول قول الذي يقول هو أنه رهن، إلا أن يأتي الذي ادعى أنه أودعه بشهود " (2).
فبالتدقيق في الحديثين يظهر أن موضوع الحديث الأول هو الاختلاف في الرهن والدين، إذ يقول: " فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا وكذا "،