لنا قوله تعالى (وفي سبيل الله) وهو على إطلاقه، ولما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة) (1) وذكر من جملتهم الغازي. وما ذكره من الخبر، لا يقتضي اختصاصها بالفقراء ولأن ما ذكره ينتقض بابن السبيل، فإنه يعطى وإن كان غنيا " في بلده قادرا " على الاستدامة في سفره.
مسألة: وابن السبيل وهو المتقطع به ولو كان غنيا " في بلده قادرا "، والضيف ولو كان سفرهما معصية منعا وهنا بحوث:
الأول: قال الشيخ: ابن السبيل هو المجتاز بغير بلده لا المنشي سفرا " من بلده، وبه قال مالك. وقال الشافعي وأبو حنيفة: كلاهما مراد من الآية عملا بإطلاق اللفظ، وبه قال ابن الجنيد. وما ذكره الشيخ هو الظاهر من مذهبنا، وأيد ذلك، ما روي عن العالم عليه السلام قال: (ابن السبيل هو ابن الطريق يكون في السفر في طاعة الله فيقطع بهم ويذهب مالهم فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات) (2).
الثاني: قال الشيخ: والمنشئ سفره من بلده، وإن كان فقيرا " أعطي من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل.
الثالث: قال: إن كان سفره طاعة أعطي، وإن كان في معصية منع، وإن كان مباحا " فعندنا يعطى كالطاعة ومنع آخرون. لنا عموم الآية.
الرابع: يدفع إليه قدر كفايته لوصوله إلى بلده مع حاجته أو قصور نفقته، فإن صرفه في ذلك فقد وقع موقعه، وإن صرفه في غيره هل يرتجع قال الشيخ في المبسوط: نعم، وقال في الخلاف: لا يرتجع، لأن الاستحقاق له بسبب السفر فلا يحتكم عليه فيما يدفع إليه والوجه استعادته إذا دفع إليه بقصد الإعانة اقتصارا " على