نحوها وهي من المرسلات التي نسب الحكم جز ما إلى المعصوم عليه السلام، ولا تقصر عن مرسلات ابن أبي عمير، ولو كانت هي عين خبر زرارة لكان قوله ذلك دليلا على جزمه بصدور الرواية من القرائن، لو لم يكن توثيقا للنهدي الواقع في رجال الحديث، وتوهم أن جزمه باجتهاده لا يفيد لنا، ولعل القرائن التي عنده لا تفيدنا الجزم، في غير محله، لأن الظاهر من مسلكه أنه لم يكن أهل الاجتهادات المتعارفة عند الأصوليين، سيما المتأخرين منهم، فالقرائن التي عنده لا محالة تكون قرائن ظاهرة توجب الاطمينان لنا أيضا، وكيف كان، رد تلك المرسلات جرأة على المولى.
ثم إن دلالتها على جواز الانتفاع به ظاهرة، وتوهم أن نظر السائل إنما هو حيث انفعال الماء (وسوسة). والظاهر عدم الفرق بين الجلد والشعر، واطلاقها شامل لحال الضرورة وغيرها، ولا مخصص لها إلا الشهرة المدعاة بعدم جواز الاستعمال اختيارا، والاجماعات المتقدمة على عدم جواز الانتفاع بالنجس والميتة، خرج حال الضرورة، للشهرة بالجواز، أو بالروايات المجبورة في هذا المقدار.
أقول إما الشهرة أو الاجماع على عدم جواز الانتفاع بالأعيان النجسة، فقد مر الكلام فيهما فلا نعيده وقد ظهر هناك عدم ثبوت شهرة أو اجماع على الحكم، والمتيقن منهما لو ثبت أصلهما، هو الاستعمالات والانتفاعات الخاصة، لا مطلقا، ولا أظن قيام اجماع أو شهرة مستقلة في المقام، غير ما ادعى هناك، كما يظهر من دعوى الشيخ في الخلاف (1) ومحكي المبسوط، في الخنزير (2) مع أن علم الهدى (ره) (3) لا يرى نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين، فلا محالة يقول بجواز الانتفاع به، وقد مر كلام شيخ الطائفة في ذيل رواية زرارة المتقدمة، قال: الوجه أنه لا بأس أن يستقى به لكن يستعمل ذلك في سقي الدواب، والأشجار، ونحو ذلك، ولو كان المنع ثابتا باجماع ونحوه لما قال ذلك، ولا يجوز