خمرا أم لا، والمراد بالبأس هنا الحرمة جزما، لأن الثابت لحال كونه خمرا هو الحرمة، ففي غيرها كذلك.
هذا غاية تقريب دلالتها على حرمة بيع العصير المغلي مطلقا، وفيه مضافا إلى أنها بصدد بيان المنطوق لا المفهوم، فلا اطلاق فيه، والمتيقن منه ما إذا باعه ممن يجعله خمرا، أو يطبخه ويجعله بختجا، فإن البختج على ما يظهر من الروايات مسكر يصطنعه الفساق وأهل الأشربة المسكرة، وهو على ما قيل ما يسمى (مى پخته) أو (باده)، وكيف كان: لا اطلاق في المفهوم يثبت به المدعى، بل من المتحمل أن يكون المراد بقوله ليطبخه، أي يجعله بختجا، لبعد السؤال عن بيع العصير للشيرج، سيما من مثل أبي بصير: أن في المنطوق نفي البأس عن بيعه ليطبخه أو يجعله خمرا، فإنه المتفاهم من جواب السائل، ولا يثبت في المفهوم إلا نفي البأس المطلق، وهو صادق مع ثبوت البأس لأحد طرفي الترديد، وبعبارة أخرى لا يدل المفهوم الأعلى سلب التسوية بين طرفي الترديد لا ثبوت التسوية في الحكم المخالف، مع أن ثبوت البأس أعم من الحرمة وكون بعض موارده حراما لا يوجب كون البقية كذلك فدعوى الجزم أو الظهور في سائر الموارد في غير محلها.
هذا مضافا إلى حكاية الرواية عن نسخة من التهذيب (1) وعن الوافي عنه (2) وعن الكافي (3) (فهو حلال) بدل وهو حلال، فتدل على جواز بيع العصير المغلي بالنار، بل وبنفسه، فإن الظاهر عدم كونه خمرا بمجرد الغليان، وإن فرض كونه مسكرا، مع أنه أيضا غير معلوم، ومع الشك في خمريته ينسلك بالاستصحاب في موضوع الحكم، بناء على عدم دخالة عنوان القبلية في موضوعه، حتى يلزم المثبتية كما هو المتفاهم من المفهوم عرفا ومنها صحيحة الحلبي (4) قال سألت أبا عبد الله (ع) عن بيع العصير ممن يجعله حراما، قال لا بأس ببيعه حلالا ليجعله حراما، فأبعده الله