نعم روايات برد وسليمان الإسكاف ضعاف والعجب أن المحقق الأردبيلي (مع كثرة مناقشته في اسناد الروايات) بنى على عدم ضعفها مع أن مجرد نقل ابن أبي عمير كتابا لا يدل على صحته وكصحيحة زرارة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن الحبل يكون من شعر الخنزير، يستقى به الماء من البئر، هل يتوضأ من ذلك الماء، فقال: لا بأس به وهي وإن كانت بصدد بيان التوضي من الماء، و الظاهر أن شبهته من جهة تنجس الماء أو احتماله لذلك، لكن نفي البأس عن الوضوء (مع أنه نحو انتفاع بالحبل. سيما أن مقتضى اطلاقها جوازه لو كان المتوضي هو الذي يستقى الماء به) دليل على عدم حرمة الانتفاع به.
وتوهم أن الوضوء ليس انتفاعا بالحبل، بل انتفاع بالماء، والانتفاع بالحبل إنما هو اخراج الماء به، لا الوضوء من الماء الخارج (فاسد)، ضرورة أن الانتفاع بالحبل هو رفع نحو حاجة به، وشد الحبل بالدلو، والقائه في البئر، واخراج الماء منه، مقدمات الانتفاع، وإنما الانتفاع هو شرب الماء والتوضي به ونحوهما، ففرق بين حرمة التصرف في الشئ، وحرمة الانتفاع به، فلو حرم الانتفاع بشجر مثلا لا يجوز الاستظلال به والتوقف تحت ظله توقيا عن الحر والمطر مع أنه ليس تصرفا فيه، فلو حرم الانتفاع بالوادي لا يجوز شرب مائه، ولو بعد أخذه في قربة ولا يجوز سقي الزرع والأشجار بمائه، ولو بعد جريانه في الأنهار والسواقي، لصدق الانتفاع به وفي المقام لو أخرج الماء بالحبل من البئر، واهريق قهرا، لا يصدق أنه انتفع بالبئر، ولا بالدلو والحبل، بخلاف ما لو استعمله في الحوائج. وقريب منها موثقته (2) عن أبي عبد الله عليه السلام وكروايته الأخرى (3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء، قال: لا بأس.
وفي الفقيه (4) وسئل الصادق عليه السلام عن جلد الخنزير، ثم ساق الحديث