من ذيل الثانية أي قوله كل أعمال البر بالصبر، أن الأرجح ترك العمل بالميتة، فيكون شاهد جمع بينها وبين ما دلت على أن الميتة لا ينتفع بها، أو جلد الميتة لا ينتفع به وهو الحمل على الكراهة في ما لا محذور في الانتفاع بها مع أنها أخص مطلقا من روايات المنع مطلقا.
ومنها موثقة سماعة (1) قال: سألته عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت، فرخص فيه، وقال: إن لم تمسه فهو أفضل. وهي مع دلالتها على جواز الانتفاع بجلد الميتة يظهر منها أيضا وجه الجمع المتقدم. ومن تفسير الكيمخت فيها يظهر جواز التمسك بما دل على جواز لبسه على جواز الانتفاع بجلد الميتة، كصحيحة الريان بن الصلت (2) قال: سألت الرضا عليه السلام عن لبس الفراء والسمور (إلى أن قال) والكيمخت (إلى أن قال) لا بأس بهذا كله إلا الثعالب.
نعم هذا التفسير ينافي ما في رواية علي بن أبي حمزة، حيث فسر فيها الكيمخت بجلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه ما يكون ميتة:
وتشهد للحمل المتقدم أيضا رواية الحسن بن علي (3) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت جعلت فداك: إن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها، قال هي حرام، قلت فيستصبح بها، قال: أما تعلم أنه يصيب اليد والثواب وهو حرام.
حيث يظهر منها أن وجه المنع هو تنجس الثوب واليد به، فتدل على كراهة الاستعمال ويحتمل أن يكون ارشادا إلى أولوية الترك، لئلا يبتلى بالنجاسة. ومنها صحيحة البزنطي (4) صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الغنم يقطع من ألياتها وهي أحياء، أيصلح أن ينتفع بما قطع، قال: نعم يذيبها ويسرج بها، ولا يأكلها