البيع (1) وتجارة عن تراض: غير شاملة لها، إما لعدم صدق تلك العناوين عليها كما لا يبعد ومع الشك فالمرجع أصل الفساد، أو لانصرافها عنها فإنها امضائية لما لدى العقلاء وليست بصدد تأسيس أمر زائد على ذلك سيما مثل الأعمال السفهية التي هي أضحوكة العقلاء وتتنفر عنها الطباع السليمة.
فتوهم شمولها لها فاسد جدا كتوهم عدم الاحتياج إلى الدليل اللفظي في الامضاء بل يكفي عدم الردع في الكشف عنه، وذلك لأن المفروض أنها ليست عقلائية فلا تكون متعارفة ولم تكن كذلك بمرئى ومنظر من الشارع حتى يستكشف الامضاء من عدم الردع، بل لو فرض تعارض أمر سفهي بين أراذل الناس لا يمكن كشف رضى الشارع عنه لو لم يصل إلينا الردع، لغاية بعد رضاه بما هو سفهي تنبو عنه الطباع والعقول السليمة، وتتنفر عنه العقلاء مع كونه مربي العقول ومتمم المكارم بل لا يبعد صدق الأكل بالباطل على مثلها، ويلحق به أيضا " بيع ما لا مالية له لقلته كحبة من خردل أو لكثرته وشيوعه كالثلج في الشتاء مع عدم تعلق غرض عقلائي بالمعاملة، وذلك أيضا لسفهيتها، فلو عاوض منا من ثلج بمن منه في الشتاء. أو منا من ماء بمن من تراب في ساحل البحر مع عدم غرض عقلائي خارجي: يعد سفها بل لا يبعد عدم صدق عنوان المعاملة عليها ولا أقل من الشك فيه، ولو نوقش فيه فلا ريب في انصراف الأدلة عنها بما تقدم ذكره.
ويلحق به أيضا ما له منفعة نادرة جدا بحيث تعد لدى العقلاء كلا منفعة لندوره، كما لو سمع أحد أن في أقصى بلاد الإفريقية حية كان علاج لذعه لذع العقرب فاشترى عقربا وحفظه لذلك مع عدم احتمال ابتدائه به، فإن المعاملة سفهية باطلة، فالميزان في الصحة عقلائية المعاملة والخروج عن السفهية، سواء كانت متعلقة لغرض شخص خاص، كمن ابتلى بمرض لا يبتلى به غيره وكان دوائه شيئا لا يرغب فيه أحد فإن اشترائه لغرضه عقلائي والمعاملة من أوضح مصاديق المعاملات العقلائية وتشملها الأدلة، أو لأغراض عقلائية نادرة لا بمثل الأسئلة المتقدمة.