قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم، فلما عرفني الله هذا الأمر ضقت؟ بذلك، وقلت لا أحمل إلى أعداء الله فقال: احمل إليهم، فإن الله يدفع بهم عدونا وعدوكم، يعني الروم، وبعهم فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا، فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك، وهاتان الروايتان صارتا منشئا للقول بالتفصيل، تارة بين زمان الهدنة وغيره مطلقا، وأخرى التفصيل كذلك في خصوص البيع من المخالفين والأخذ باطلاق ما تأتي للمنع عن البيع من الكفار.
والتحقيق أن الروايتين قاصرتان عن اثبات هذا التفصيل في المقامين، لأن السؤال فيهما عن حمل السلاح إلى الشام في عصر الصادقين (ع) وهو عصر لم تكن للشيعة الإمامية مملكة مستقلة وحكومة على حدة، بل كان المسلمون كافة تحت حكومة واحدة هي سلطنة خلفاء الجور لعنهم الله، فلم يكن في حمل السلاح إلى الشام خوف على حوزة الشيعة وبلادهم، لعدم الموضوع لهما، ولهذا نزلهم منزلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حيث إن كلهم جمعية واحدة تديرهم حكومة واحدة لم تكن في تقويتها تقوية على خلاف حوزة الشيعة الإمامية وحكومتها لعدم تشكيلهما، بل كانت تقوية للمسلمين مقابل الكفار كما أشار إليه في الرواية الثانية، فلا يجوز التعدي عن مثل تلك الهدنة التي كانت كهدنة في عصر أصحاب الرسول الله صلى الله عليه وآله إلى مطلق الهدنة والسكون، كما إذا كانت لنا سلطنة مستقلة ودولة على حدة، ولهم كذلك، و كانت بيننا هدنة وتعاقد ومع ذلك يكون في تقويتهم فسادا ومظنته بل احتماله بحيث خيف على دولة التشيع وحكومته من ذلك، ويستفاد من تعليل الثانية أن كل مورد يدفع عدو قوي بعدو مأمون منه يجوز بيع السلاح منه لدفعه.
وكيف كان لا يمكن القول بجواز بيع السلاح ونحوه من الكفار أو المسلمين المخالفين بمجرد عدم الحرب والهدنة، بل لا بد من النظر إلى مقتضيات اليوم وصلاح المسلمين والملة، كما أن في عصر الصادقين عليهما السلام كان من مقتضيات الزمان جواز دفع السلاح إلى حكومة الاسلام وجنودها لمدافعة المشركين من غير ترقب فساد عليه،