أن الصدق العرفي في المثال المتقدم لعدم التفكيك عرفا، ولهذا لو اعتذر المعطي بعدم اعطائه للتوصل إلى الظلم مع علمه بأنه أراده: لا يقبل منه.
والظاهر اعتبار ثالث القيود، فمع عدم قصد المعان عليه الإثم: لا يكون الإعانة على فعله إلا إعانة على ما يتوهم أنه إثم. وعدم اعتبار رابعها وخامسها فمن أعصر خمرا برجاء أن يشرب منها شارب أو أعطى سكينا لظالم ليعمل به القتل لو احتاج إليه: يعد عملهما الإعانة على الإثم سيما إذا تحقق في الخارج، بل لا يبعد اعتبار التحقق في الصدق فيهما.
ثم إنه على القول باعتبار القصد وتحقق الإثم في مفهومها: لقائل أن يقول بإلغاء القيدين حسب نظر العرف والعقلاء بالمناسبات المغروسة في الأذهان بأن يقال: إن الشارع الأقدس أراد بالنهي عن الإعانة على الإثم والعدوان قلع مادة الفساد والمنع عن إشاعة الإثم والعدوان، وعليه لا فرق بين قصده إلى توصل الظالم بعمله وعدمه مع علمه بصرفه في الإثم والعدوان، فالنهي عن الإعانة إنما هو لحفظ غرضه الأقصى وهو القلع المذكور فيلغى العرف خصوصية قصد التوصل.
وكذا يمكن أن يقال: إن الإعانة على الإثم والعدوان لما تصير عادة موجبة لتشويق العصاة على عملهم وجرأتهم على الإثم والعدوان، نهى الشارع عن إعانة من هم بمعصية سياسة لأن يرى العامل بالمنكر نفسه وحيدة في العمل لا معين له فيه و الوحدة قد توجب الوحشة المؤدية إلى الترك كما أن رؤية المعين على عمل موجبة للجرئة، فالشارع نهى المسلمين عن تهيئة أسباب المعصية لمن أرادها لقلع مادة الفساد وانصراف الناس عن الإثم والعدوان، وإلى بعض ما ذكرناه أشارت رواية علي بن أبي حمزة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام وفيها لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبى لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، فتحصل من ذلك أنه بعد إلغاء الخصوصية عرفا تستفاد من الآية حرمة تهيئة أسباب المعصية لمن