ولو فرض امكانه ثبوتا لا يستفاد منه اثباتا، فحينئذ يكون ايجاب الدفع على طبق الرفع أيضا: متوجها إلى الآحاد فلم يكن أمر متوجها إلى المجموع حتى يقال: لا بد من ارجاعه إلى السبب.
وثانيا أن متعلق الأوامر هو الرفع المفهوم منها الدفع أو الدفع أيضا، ولا يكون الدفع غير مقدور مطلقا حتى يقال: إن الأمر بالمسبب الغير المقدور راجع إلى سببه، و كونه في بعض الأحيان غير مقدور: لا يوجب ارجاع الأمر إلى السبب بالنسبة إليه حتى يكون مفاد الأمر الواحد في المقدور شئ وفي غيره شئ آخر، ولو فرض فهم ذاك وذلك من الأوامر بإلغاء الخصوصية على اشكال فيه من كلا المقامين سيما الثاني:
فلا يلزم منه الارجاع إلى السبب، فإن الأمر كما يمكن أن يتعلق بآحاد المكلفين، يمكن أن يتعلق بمجموع منهم فيكون الأمر واحدا والمأمور واحدا هو المجموع و يشترط فيه عقلا قدرة المجموع لا الآحاد فتكون الطاعة بايجاد المجموع والعصيان بتركهم أو ترك بعضهم، وعليه أيضا يفترق المقام عن حمل الثقيل بما تقدم بيانه.
ثم إنه قد تقدم أن المبنى للحرمة إن كان قبح تهيئة أسباب المعصية والإثم عقلا: فلا ينظر إلى صدق مفهوم الإعانة عرفا، فإن موضوع حكم العقل ليس عنوانها بل مطلق تهيئة أسباب المعصية قبيح عقلا، نعم لا يتجاوز الحكم من تحصيل الشرايط والأسباب إلى مطلق ماله دخل في تحقق المعصية كتجارة التاجر العالم بأخذ العشر منه إذا لم تكن تجارته لتقوية الظالم فإنها ليست قبيحة عقلا بلا ريب وليست من قبيل تهيئة الأسباب ولا فرق في نظر العقل بين الأقسام المتقدمة في صدر البحث، وكذا لو كان المستند حكم العقل بدفع المنكر فإن العقل لا يفرق بين وجوده إرادة المعصية فعلا وبين تجددها، ولا بين كون الداعي توصل الغير إلى الحرام وغيره، ولا وجود فاعل آخر وعدمه كما مر. وأما إن كان المستند هو الآية الكريمة الناهية عن التعاون على الإثم والعدوان: فيقع البحث في المفهوم الإعانة على الإثم عرفا أي في هذا العنوان التركيبي المتعلق للنهي: تارة في أنه هل يعتبر في صدق الإعانة على الإثم وقوع الإثم في الخارج، وأخرى في أنه هل يعتبر في