في الحرمة على الأول لأن دفع كل مصداق من المنكر واجب فرضا، و المفروض أن كل عنب يشتري الخمار يجعله خمرا فترك كل بيع: دفع عن منكر مستقلا فهو واجب.
وأما بناء على أن المنكر صرف وجود التخمير مثلا أو لا يخمر المشتري إلا مصداقا واحدا من المبيع، فهو يجوز بيعه إلا فيما إذا تركه غيره، فلو علم بناء غيره على البيع يجوز له ذلك، لأن دفع المنكر غير مقدور عليه لفرض وجود بايع آخر، فهو كثقيل يجب على جمع رفعه ولا يمكن ذلك إلا باجتماع جميعهم، فلو علم بعضهم عدم اقدام بعض على الرفع لا يجب عليه اعمال القوة فإنه لغو، أو لا يجوز لأن دفع المنكر واجب مطلق على كل مكلف ولهذا يجب على كل منهم دفعه ولو بمنع الغير عن المخالفة ولو اجتمع الكل على بيع أعنابهم دفعة واحدة ممن يعلم أنه يجعلها خمرا: يكون الكل عاصيا لانتقاض الدفع الواجب بفعلهم، فلو اجتمع القوم عدا واحد منهم كان ما عداه عاصيا ولو فرض تحقق البيع منه لو كان الغير تاركا، وذلك لأن انتقاض الدفع الواجب غير جائز شرعا أو قبيح عقلا لكونه مخالفة للأمر عقلا وعرفا ومجرد بناء الغير على الانتقاض لا يكون عذرا، فالبايع الواحد وإن لا يقدر على الدفع لكنه قادر على انتقاضه وعلى المخالفة وهذا كاف في تحقق المعصية مع تحققه بفعله وانتقاض الدفع ببيعه.
فلو أمر المولى عبيده بدفع السارق عن سرقة ماله وكان متوقفا على بقاء الباب مسدودا: يجب على كل منهم دفعه بحفظ سد الباب، فلو علم بعضهم أن بعض العبيد يريد فتح الباب وتمكين السارق: لا يوجب ذلك البناء والعلم بفتحة على أي حال أن يكون معذورا في فتح الباب وتمكين السارق، فلو فتحه كان الفاتح عاصيا لا الباني على الفتح، وهذا بوجه نظير أن يتعذر قاتل مظلوم محقون الدم بأنه صار مقتولا على أي تقدير فلو لم أقتله قتله غيري، وتنظير المقام بحمل الثقيل غير وجيه، فإن الواجب هناك هو الحمل وهو أمر بسيط لا يتحقق إلا بالاجتماع، ومع العلم بعدم اجتماعهم عليه:
لا يجب على العالم أن يعمل القوة الغير المؤثرة فإنه لغو، وأما في المقام أن الواجب