من كفاية ترهيب الله تعالى ونهيه في اللطف.
ثم إن العقل لا يفرق بين الرفع والدفع بل لا معنى لوجوب الرفع في نظر العقل فإن ما وقع لا ينقلب عما هو عليه، فالواجب عقلا هو المنع عن وقوع المبغوض سواء اشتغل به الفاعل أو هم بالاشتغال به وعلم بكونه بصدد وكان في معرض التحقق، وما يدركه العقل قبحه هو هذا المقدار الذي ادعاه شيخنا الأنصاري لا التعجيز بنحو مطلق حتى يشمل مثل ترك التجارة والزراعة والنكاح إلى غير ذلك.
نعم الظاهر عدم الفرق بين إرادته الفعلية وما علم بتجددها بعد البيع سيما إذا كان البيع سببا له كما مر، ولو بنينا على أن وجوب النهي عن المنكر شرعي فلا ينبغي الاشكال في شمول الأدلة المدفع أيضا لو لم نقل بأن الواجب هو الدفع بل يرجع الرفع إليه حقيقة، فإن النهي عبارة عن الزجر عن اتيان المنكر وهو لا يتعلق بالموجود إلا باعتبار ما لم يوجد، فإن الزجر عن ايجاد الموجود محال عقلا و عرفا، فاطلاق أدلة النهي عن المنكر شامل للزجر عن أصل التحقق واستمراره، فلو علم من أحد إرادة ايجاد الحرام وهم به واشتغل بمقدماته مثلا: وجب نهيه عنه، فإن المراد بالمنكر الذي يجب النهي عنه طبيعته لا وجوده، بل لو فرض عدم اطلاق فيها من هذه الجهة وكان مصبها النهي عن المنكر بعد اشتغال الفاعل به: لا شبهة في إلغاء العرف خصوصية التحقق بمناسبات الحكم والموضوع، فهل ترى من نفسك أنه لو أخذ أحد كأس الخمر ليشربها بمرئى ومنظر من المسلم يجوز له التماسك عن النهي حتى يشرب جرعة منها ثم وجب عليه النهي، وهل ترى عدم وجوب النهي عن المنكر في الدفعيات والوجودات الصرفة الدفعية، ولعمري إن التشكيك فيه كالتشكيك في الواضحات.
ثم لو قلنا بوجوب دفع المنكر فتارة يكون بوجوده الساري منكرا كشرب الخمر وتخميرها، وأخرى بصرف وجوده، وعلى الأول تارة يكون المشتري مريدا لتخمير كل عنب يشتريه، وأخرى لا يريد إلا تخمير مصداق واحد، لا ينبغي الاشكال