لم تكن مقدماته حراما، وهذا عنوان لا يصدق على اتيان الفاعل المقدمات. ولهذا لا يكون المجرم في اتيان مقدماته مجرما بل يكون مجرما في اتيان نفس الجرم نعم لو أتى بالمقدمات ولم يوفق باتيان الحرام كان متجريا. وبالجملة يرى العقل فرقا بين الآتي بالجرم بمقدماته وبين المساعد له في الجرم ولو بتهيئة أسبابه ومقدماته، فلا يكون الأول مجرما في اتيان المقدمات زائدا عن اتيان الجرم وأما الثاني فيكون مجرما في تهيئة المقدمات، فيكون في نظر العقل المساعد له كالشريك له في الجرم وإن تفاوتا في القبح والظاهر عدم الفرق في القبح بين ما إذا كان تهيئة المقدمات بداعي توصل الغير إلى الجرم وغيره، فإذا علم بأن السارق يريد السرقة ويريد ابتياع السلم لذلك: يكون تسليم السلم إليه قبيحا وإن لم يكن التسليم لذلك، وإن كان الأول أقبح، كما لا فرق في نظر العقل بين الإرادة الفعلية والعلم بتجددها سيما إذا كان التسليم موجبا لتجددها، كما لا فرق بين وجود بايع آخر وعدمه، وإن تفاوتت الموارد في القبح لكنها مشتركة في أصله ثم إن حكم العقل بالقبح في تلك الموارد ثابت ولو لم يصدق على بعضها عنوان الإعانة على الإثم والتعاون ونحوهما، فإن العقل يدرك قبح تهيئة مقدمات المعصية والجرم، صدق عليها تلك العناوين أم لا، ولعل ما ورد في الكتاب (1) والأخبار من النهي عن التعاون على الإثم والعدوان، أو معونة الظالمين (2) أو لعن رسول الله صلى الله عليه وآله في الخمر غارسها وحارسها وبايعها ومشتريها وحاملها و ساقيها، (3) وكذا ما وردت من حرمة بيع المغنيات (4) وإجارة المساكن لبيع بعض المحرمات (5) كلها: لذلك أو لنكتته.
(١٣٠)