لا يخلو عن الحوادث لذاتها وكل ما لا يخلو عن الحوادث لذاته فهو حادث زماني فالعالم بجميع ما فيه حادث وقد سبق بعض ما يحتاج إليه هذا المرام وبقى البعض وله موعد وسنعود إليه إن شاء الله تعالى.
واعلم أن أكثر الناس يصعب عليهم الاعراب عن مذهبهم وعن محل الخلاف فإنهم إذا قالوا العالم حادث فان سئل عنهم ما أردتم بذلك وقعوا في الحيرة لأنهم ان عنوا به انه محتاج إلى الصانع المؤثر فخصمهم قائل به على أتم وجه وآكده لأنه قائل بافتقاره إلى المؤثر حدوثا وبقاءا ذاتا وصفه وان عنوا به ان العالم يسبقه عدم زماني فلا يمكنهم الاعتراف به لان العالم جمله ما سوى الله عندهم والزمان من جمله العالم فكيف يتقدم الزمان على العالم ليكون تقدم العدم عليه تقدما زمانيا وان أفصحوا عن مذهبهم بان العالم ليس بقديم فيقول الفيلسوف انه ليس بقديم لأنه ليس بواجب الوجود وان عنوا ان العالم ليس بدائم فيقال ما ذا أردتم بذلك فان الدائم قد يعنى به معنى عرفي وهو مستمر الوجود زمانا طويلا ودوام العالم بهذا المعنى لا نزاع فيه في المشهور لدى الجمهور وان عنوا به انه كان وقت لم يكن فيه العالم فهو مخالف لمذهبه إذ ليس قبل العالم وقت لم يكن فيه العالم إذ هو بمنزله قوله قبل الوقت وقت لم يكن فيه وقت وان قال واحد منهم أردت به انه ليس بازلى يستفسر الأزلي وعاد الترديد والمحذور المذكور وان قال الذي في الذهن (1) متناه يسلم له ان القدر الذي في ذهنه من اعداد الحركات متناه ولكن لا يلزم من ذلك (2) توقف وجود العالم على غير ذات الباري ثم إذا فرض لها مجموع ما (3) فهي