فهو مع كل ذره لكن لا ممكن ولا غير معه (1) فهو سابق الوجود على وجود العالم كما أنه سابق الوجود على وجود صوره هذه الكلمات المسطورة في هذا الكتاب مثلا من غير فرق أصلا ومن فرق بينهما فهو بعد في مضيق الشبه ولم ينزه الحق عن الزمان كما لم ينزه عن المكان عند العوام الذين يزعمون أنه جسم مكاني كسائر المحسوسات فهو بعيد عن الايمان الحقيقي الحاصل للعارف في أول سلوكه وهو انه تعالى سابق على المستقبل من حيث سبقه على الماضي من غير فرق وهذا يقيني عند العارف وإن كان كثير من العلماء عاجزين عن دركه انتهى.
أقول ان ما ذكره هذا العارف غير كاف في باب حدوث العالم إذ القائلون بقدم الأجسام الفلكية وأمهات العناصر قائلون بان نسبته تعالى إلى المستقبل كنسبته إلى الماضي وليسوا عاجزين عن ادراك كل ما افاده حتى قوله ان الأجسام لا توجد حيث يوجد الحق الأول لا هذا الان ولا قبله ولا بعده وهكذا كل معلول بالقياس إلى موجده ومع ذلك ذهبوا إلى تسرمد الأفلاك وغيرها (2) ولهم ان يفسروا قدم الأجسام بان وجودها غير مسبوق بعدم زماني فلا يرد عليه ما أورده أصلا فالمصير في هذه المسألة إلى ما حققناه وتفردنا باثباته في هذه الدورة الاسلامية إذ حكماء الاسلام وسائر العلماء لم يصلوا إلى كنه هذا المرام والا لاشتهر منهم ذلك لان الدواعي كانت مستوفرة عليها في هذه الأزمنة وأقرب ما وقع الاحتجاج به في هذا الموضع قول بعض المتقدمين من النصارى وهو ان العالم متناهي (3) القوة وكل