هو المتقدم والمتأخر في المكان والزمان ثم نقل اسم القبل من ذلك إلى كل ما هو أقرب من مبدء محدود وقد يكون هذا الرتبي في أمور بالطبع وقد يكون في أمور لا بالطبع بل اما بصناعة واما ببخت واتفاق كيف كان ثم نقل إلى أشياء اخر فجعل الفائق والفاضل والسابق أيضا ولو في غير الفضل متقدما فجعل نفس المعنى كالمبدء المحدود فما كان له منه ما ليس للاخر واما الاخر فليس له الا ما لذلك الأول فإنه جعل مقدما ومن هذا القبيل ما جعل المخدوم والرئيس قبل فان الاختيار يقع للرئيس وليس للمرؤوس وانما يقع للمرؤوس حين وقع للرئيس فيتحرك باختيار الرئيس ثم نقلوا ذلك إلى ما يكون هذا الاعتبار له بالقياس إلى الوجود مثل الواحد فإنه ليس من شرط وجوده ان يكون الكثرة موجودة ومن شرط وجود الكثرة ان يكون الواحد موجودا وليس في هذا ان الواحد يفيد الوجود للكثرة أو لا يفيد بل انما يحتاج إليه حتى يفاد للكثرة وجود بالتركيب منه ثم نقل بعد ذلك إلى حصول الوجود من جهة أخرى فإنه إذا كان شيئان وليس وجود أحدهما من الاخر بل وجوده من نفسه أو من شئ ثالث لكن وجود الثاني من هذا الأول فله من الأول وجوب الوجود الذي ليس لذاته من ذاته بل له من ذاته الامكان فان الأول يكون متقدما بالوجوب على هذا الثاني كحركة اليد بالنسبة إلى حركه المفتاح.
وقال صاحب الاشراق في المطارحات الحق انه يقع على البعض بمعنى واحد وبالنسبة إلى بعض آخر بالاشتراك أو التجوز اما الحقيقي فهو ما بالذات وما بالطبع وكلاهما اشتركا في تقدم ذات الشئ على ذات الاخر فان العلة سواء كانت تامه أو ناقصة يجب ان يتقدم ذاتها ووجودها على المعلول فلفظ التقدم عليهما بمعنى واحد واما التقدم بالزمان فهو وإن كان من حيث العرف أشهر الا ان التقدم و التأخر اللذين بين الشخصين انما هما بالقصد الأول بين زمانيهما قال ونحن في هذا الكتاب خاصه قد بينا ان تقدم الزمان على الزمان انما هو بالطبع لا غير إذ الزمان لا يتقدم على الزمان بالزمان إذ لا زمان للزمان فاما بين الزمانين فيرجع إلى التقدم بالطبع واما بين الشخصين فمجازي واما الرتبي الوضعي وإن كان