قبل إن شاء الله تعالى والذي يليق ان يذكر هاهنا ما يسكن به صولة انكار المنكرين لاتصال النفس بذلك العالم في ادراك كل معقول ويضعف به شده استبعادهم إياه عن سنن الصواب أمور ثلاثة.
أحدها انه قد مر ان النفس إذا عقلت شيئا صارت عين صورته العقلية وقد فرغنا من اثباته بالبرهان وحللنا الشكوك التي فيه.
وثانيها ان العقل هو كل الأشياء المعقولة والبرهان عليه مما أقمناه في موضع آخر ومعنى كونه كل الأشياء المعقولة ليس ان تلك الأشياء بحسب أنحاء وجوداتها الخارجية الخاصة بواحد واحد صارت مجتمعه واحده (1) فان ذلك ممتنع فان الماهية الفرسية لها وجود في الخارج مع مقدار ووضع ولون ومادة ولها أيضا وجود عقلي خاص مع لوازم وصفات عقلية يتحد معه في ذلك الوجود الخاص كاتحاد الماهية واجزائها بالوجود الخاص بها اما خارجا أو عقلا فكما ان لكل من النوعيات وجودا حسيا يتمايز به أشخاصها ويتزاحم تزاحما مكانيا كذلك لكل منها وجود عقلي مخصوص يتباين بحسبه أنواعها ويتزاحم في ذلك الوجود فيكون المعقول من الفرس شيئا و من النبات شيئا آخر جعلا ووجودا بل المراد انه يمكن ان يكون جميع الماهيات الموجودة في الخارج بوجودات متعددة متكثرة كثره عددية وفي العقل بوجودات متكثرة كثره عقلية موجودا بوجود واحد عقلي هو بعينه جامع جميع المعاني مع بساطته ووحدته.
وثالثها ان وحده العقول ليست وحده عددية هي مبدء الاعداد كوحدة الجسم