حتى يصير خيالا بالفعل ومتخيلا فحينئذ يتحقق فيه ان ذاته مجرده عن هذا العالم الحسى الوضعي وجميع ما فيه من ذوات الجهات والأوضاع لصيرورتها عين الصور الخيالية التي وجودها ليس في هذا العالم لعدم كونها من ذوات الأوضاع القابلة للإشارة الوضعية وإذا استحكم فيه ادراك الصورة العقلية بالبراهين اليقينية و الحدود الحقيقية فعند ذلك يصير عقلا ومعقولا بالفعل فيتحقق تجرده عن الكونين فله ان يعقل كل حقيقة وماهية متى شاء وأراد لصيرورتها عين الصور العقلية بالفعل بعد ما كان كذلك بالقوة عند كونه صوره خيالية فصل في نسبه العقل الفعال إلى نفوسنا قد علمت أن النفس الانسانية ترتقي من صوره إلى صوره ومن كمال إلى كمال فقد ابتدأت في أوائل النشأة من الجسمية المطلقة إلى الصور الاسطقسية و منها إلى المعدنية والنباتية ومنها إلى الحيوانية حتى استوفت القوى الحيوانية كلها حتى انتهت إلى تلك الذات التي منها أول الأشياء التي لا تنسب إلى المادة الجسمية و إذا وقع لها الارتقاء منه فإنما يرتقى إلى أول رتبه الموجودات المفارقة بالكلية عن المادة وهو العقل المستفاد وهو قريب الشبه بالعقل الفعال والفرق بينه وبين العقل الفعال ان العقل المستفاد صوره مفارقه كانت مقترنة بالمادة ثم تجردت عنها بعد تحولها في الأطوار والعقل الفعال هو صوره لم يكن في مادة أصلا ولا يمكن ان يكون الا مفارقه والعجب أنه من نوع ما هو عقل بالفعل (1) لأنه متحد به الا
(٤٦١)