الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٤٣٣
مكان لان صور المحسوسات إذا نحن أحسسناها فليس هي في الحواس على أنها تصير مواضع لها وانما يقال في العقل الذي من خارج انه مفارق وهو يفارقنا لا على أنه ينتقل ويبدل الأماكن ولكنه يبقى مفارقا قائما بنفسه بلا هيولي ومفارقته إيانا بأنه لا يعقل ولا يكتسب لأنه كذلك كان لما صار فينا انتهت الرسالة والغرض في نقلها زيادة التحقيق والتأكيد للقول باتحاد النفس بالعقل الفعال وبالمعقولات ولكون المطلب في غاية الغموض والدقة مما يحتاج إلى زيادة بسط وتفصيل ولعل السالكين المستعدين يجدون إلى نيل الوصول إليه سبيلا فصل في دفع الاشكال في صيرورة العقل الهيولاني عقلا بالفعل ولعلك تستشكل القول بهذه الصيرورة من وجهين أحدهما ما مر وهو انه يلزم انقلاب الحقيقة فان النفس الانسانية من جمله الصور الطبيعية للأجسام و فصل من فصولها الاشتقاقية المحمولة عليها وقد حصل من انضمامها مع الجسمية الحيوانية نوع طبيعي واحد هو الانسان الطبيعي (1) فكيف يصير جوهرا عقليا و صوره معقولة من الصور المفارقة التي لا تعلق لها بعالم المواد والأجسام.
وجوابه ما قد أشرنا إليه من أن الوجود للشئ غير الماهية (2) والوجود يجوز

(1) والنوع الطبيعي تركيبه يؤدى إلى الوحدة حينئذ جاء الاشكال من حيث إن الفصل حيثية التعين فكيف يصير حيثية الابهام وفي المواضع الأخرى حيث يصير النبات حيوانا مثلا باعتبار الهيولى المبهمة ومن حيث إنه إذا كان عين الجسم كيف يكون عين المفارق ومن حيث إن النفس والعقل نوع عندهم فكيف يكون نوعا واحدا س ره (2) فالماهية مناط الضيق ومثار الاختلاف والوجود ملاك السعة وموجب الهوهوية ففي اشتداد السواد مثلا ماهيات الخضرة والنيلية والسواد الحالك متخالفة واما وجودها فواحد والاتصال الوحداني مساوق للوحدة الشخصية ولها درجات س ره.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست