مكان لان صور المحسوسات إذا نحن أحسسناها فليس هي في الحواس على أنها تصير مواضع لها وانما يقال في العقل الذي من خارج انه مفارق وهو يفارقنا لا على أنه ينتقل ويبدل الأماكن ولكنه يبقى مفارقا قائما بنفسه بلا هيولي ومفارقته إيانا بأنه لا يعقل ولا يكتسب لأنه كذلك كان لما صار فينا انتهت الرسالة والغرض في نقلها زيادة التحقيق والتأكيد للقول باتحاد النفس بالعقل الفعال وبالمعقولات ولكون المطلب في غاية الغموض والدقة مما يحتاج إلى زيادة بسط وتفصيل ولعل السالكين المستعدين يجدون إلى نيل الوصول إليه سبيلا فصل في دفع الاشكال في صيرورة العقل الهيولاني عقلا بالفعل ولعلك تستشكل القول بهذه الصيرورة من وجهين أحدهما ما مر وهو انه يلزم انقلاب الحقيقة فان النفس الانسانية من جمله الصور الطبيعية للأجسام و فصل من فصولها الاشتقاقية المحمولة عليها وقد حصل من انضمامها مع الجسمية الحيوانية نوع طبيعي واحد هو الانسان الطبيعي (1) فكيف يصير جوهرا عقليا و صوره معقولة من الصور المفارقة التي لا تعلق لها بعالم المواد والأجسام.
وجوابه ما قد أشرنا إليه من أن الوجود للشئ غير الماهية (2) والوجود يجوز