الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٤٤٨
وكل موجود غير جسماني فهو حاصل لذاته لان ذاته غير محتجبة عن ذاته فيكون عاقلا لذاته لان العلم نفس الوجود بشرط عدم الاحتجاب عنه ولا حجاب الا العدم بالحقيقة وعدم الحجاب أيضا مرجعه إلى تأكد الوجود وشدته حتى لا يكون ضعيفا مشوبا بالنقص الذي هو ضرب من العدم ومع ذلك فقد أقمنا البرهان على أن كل صوره معقولة للنفس بالفعل فهي بعينها عاقلة لذاتها وان لم يوجد عاقل سواها في العالم ولا شبهه في أن كل صوره مجرده سواء كانت بتجريد مجرد أو بتجرد ذاتها فهي في ذاتها معقولة على الرسم المذكور فتكون عاقلة لذاتها كما بينا فكل مجرد عاقل لذاته وهو المطلوب.
واما الحكماء فالمشهور منهم في بيان هذا المقصد أربعة طرائق.
إحداها ما افاده الشيخ (1) في كتاب المبدأ والمعاد فإنه لما أقام الدليل على أن الصورة العقلية إذا اتحدت بالعقل بالقوة صيرته عقلا بالفعل كما نقلنا كلامه في هذا الباب (2) ثم قال بعد ذلك حسبما نقلنا أيضا ان الصورة المجردة لما اتحدت بغيرها (3)

(1) الظاهر أن هذه الطريقة والتي تليها طريقه واحده وكيف كان فهي حجه قويه على كون الجوهر المجرد عاقلا لذاته فالقوم انما أقاموا هذه البراهين في الجواهر دون الاعراض بيان ذلك أن الصورة العقلية لمكان تجردها وبرائتها من المادة والقوة حاضره الوجود مجتمعه اجزاء الكمال فإذا كانت جوهرا موجودة لنفسها فهي لكونها موجودة لنفسها حاضره لها أي معقولة لها ولكون نفسها واحده لها محضره لها أي عاقلة لها لان الملاك في صدق الوصف وجود شئ لشئ وإذا كان الوجود جوهريا كان موجودا لنفسه ومتصنفا بنفسه ط مد (2) بفتح المثلثة لان قال جواب لما س ره (3) لم يكن حديث الاتحاد في كلام الشيخ هنا بل عبارة على ما نقل وهذه الصورة إذا كانت تجعل غيرها عقلا بالفعل بان تكون له ولعله قدس سره حمل الكون له على الاتحاد ككون الوجود للوجود واحده له وللوحدة ونحو ذلك ولا داعي عليه بل اللام لام الارتباط ويتم الدليل بدون الابتناء على الاتحاد فيقول إذا كان قيام المعقول بالغير يجعل الغير عقلا بالفعل فقيامه بذاته وهو الاتحاد يجعل ذاته عقلا وعاقلا بالفعل لان ذاته حينئذ يقوم مقام الغير والمعقولية ذاتية للمعقول بالفعل س ره.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست