وكل موجود غير جسماني فهو حاصل لذاته لان ذاته غير محتجبة عن ذاته فيكون عاقلا لذاته لان العلم نفس الوجود بشرط عدم الاحتجاب عنه ولا حجاب الا العدم بالحقيقة وعدم الحجاب أيضا مرجعه إلى تأكد الوجود وشدته حتى لا يكون ضعيفا مشوبا بالنقص الذي هو ضرب من العدم ومع ذلك فقد أقمنا البرهان على أن كل صوره معقولة للنفس بالفعل فهي بعينها عاقلة لذاتها وان لم يوجد عاقل سواها في العالم ولا شبهه في أن كل صوره مجرده سواء كانت بتجريد مجرد أو بتجرد ذاتها فهي في ذاتها معقولة على الرسم المذكور فتكون عاقلة لذاتها كما بينا فكل مجرد عاقل لذاته وهو المطلوب.
واما الحكماء فالمشهور منهم في بيان هذا المقصد أربعة طرائق.
إحداها ما افاده الشيخ (1) في كتاب المبدأ والمعاد فإنه لما أقام الدليل على أن الصورة العقلية إذا اتحدت بالعقل بالقوة صيرته عقلا بالفعل كما نقلنا كلامه في هذا الباب (2) ثم قال بعد ذلك حسبما نقلنا أيضا ان الصورة المجردة لما اتحدت بغيرها (3)