الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٣٩٦
فصل في أن العلم بذى السبب يمتنع حصوله الا من جهة العلم بسببه (1) هذه المسألة أيضا كالمسألة الماضية لا يمكن تحقيقها الا بتحقيق مباحث الوجود (2) فنقول يجب ان يعلم أن اليقين التام بالشئ انما يحصل بان كانت الصورة
(١) هذه مسألة أوردوها في كتاب البرهان من المنطق وهي ان اليقين بما له سبب لا يحصل الا من جهة اليقين بسببه وقد عرفوا اليقين بأنه العلم بان كذا كذا وانه لا يمكن ان لا يكون كذا بالفعل أو بالقوة القريبة منه وبينوه بأنه لو تحقق العلم بوجود ذي سبب وجب تحقق العلم بوجود سببه قبله والا جاز عدمه وهو مساوق لجواز عدم السبب وقد فرض العلم بأنه موجود بالضرورة هذا خلف وفرعوا على ذلك عدم افاده أحد قسمي البرهان الآني للعلم وهو القياس الذي أوسطه علة لوجود الأصغر وبعبارة أخرى القياس الذي يتوسل فيه باثار الشئ إلى اثبات نفسه وذلك أن العلم بالمعلول لا يتم الا مع العلم بوجود علته قبله فيكون اثبات وجود العلة به ثانيا لغوا لا اثر له فينحصر البرهان و هو القياس المفيد لليقين في قسمين أحدهما البرهان اللمي الذي يسلك فيه من اثبات العلة إلى اثبات المعلول وثانيهما البرهان الآني الذي يسلك فيه من بعض اللوازم العامة إلى بعضها كالبراهين الآنية المستعملة في الفلسفة الأولى هذا وبالتأمل فيما أوردناه يظهر لك مسامحة المصنف ره في ما أورده في هذا الفصل وجهات الضعف فيه فتدبره ط مد (2) لما حصروا في هذه المسألة طريق العلم بذوات الأسباب في العلم بالأسباب فقالوا ذوات الأسباب لا تعرف الا بأسبابها وتوجه الاشكال في العلم بالبديهيات كالمشاهدات سيما الأوليات خصص بعضهم القاعدة بما سواها وهو باطل فان وجود المعلول متقوم بوجود علته أي معلول كان ووجود الممكن قد مر انه ربط محض بالواجب تعالى وفقر صرف إليه وظهور كل شئ موجودا خارجيا كان أو ذهنيا منطو في ظهوره فالعلم يتعلق أولا بوجود العلة وثانيا بوجود المعلول ولذا قال على ع ما رأيت شيئا الا ورأيت الله قبله والى هذا أشار قدس سره بقوله لا يمكن تحقيقها الا بتحقيق مباحث الوجود س ره.